تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ ثُمَّ قَالَتْ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
وقوله: ثم دخلت، هو مقول زينب بنت أم سلمة، وهو مصرح به في رواية العدد، وظاهره أن هذه القصة وقعت بعد قصة أم حبيبة، ولا يصح ذلك إلا إن قلنا بالتعدد، ويكون ذلك بعد وفاة يزيد بن أبي سفيان, لأن وفاته سنة ثمان عشرة أو تسع عشرة، ولا يصح أن يكون ذلك عند وفاة زينب بنت جحش. ماتت قبل أبي سفيان بأكثر من عشر سنين، على الصحيح عند أهل العلم، فيُحمل على أنها لم ترد ترتيب الوقائع، وإنما أرادت ترتيب الأخبار.
وفي رواية أبي داود "ودخلت" وذلك لا يقتضي الترتيب، وقوله "حين توفي أخوها" قد استشكل المراد بأخي زينب, لأن إخوتها ثلاثة، إلى آخر ما ذكرنا في سند هذا الحديث. وقوله: فمست به، أي: شيئًا من جسدها. وفي رواية العدد بلفظ "فمست منه".
[رجاله خمسة]
وفيه ذكر زينب بنت جحش، وذكر أخ لها مبهم، وقد مرَّ رجاله، مرَّ إسماعيل بن أبي أُوَيس في الخامس عشر من الإِيمان, ومرَّ مالك في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ عبد الله بن أبي بكر في الرابع والعشرين من الوضوء, ومرَّ حميد بن نافع في الذي قبله، ومرَّ فيه محل زينب بنت أبي سَلَمة، ومرت زينب بنت جحش في الحادي والثلاثين من التهجد.
وأما أخو زينب الذي نُعِيَ لها، فهو مشكل, لأن إخوتها ثلاثة:
عبد الله، وقد استشهد بأُحد، وزينب بنت أبي سلمة إذ ذاك صغيرة جدًا, لأن أباها مات ببدر، وتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أمها، وهي ترضع، فلا تمكن روايتها في أُحد.
والثاني: عُبَيد الله، وقد هاجر إلى الحبشة مع زوجته أم حبيبة، وارتد هناك وتنصر، ولا مانع من أن يكون هو المراد, لأن الإِنسان قد يحزن على قريبه الكافر، ولاسيما إذا تذكر سوء مصيره.
والثالث: عَبْد، بغير إضافة، مشهور بكنيته أبي أحمد، وهذا قد جزم إبن إسحاق وغيره من أهل العلم بالإخبار بأنه مات بعد أخته زينب بسنة، وروى ابن سعد أنه حضر جنازتها مع عمر بن الخطاب.