قال الزين بن المنير: المراد بتخصيص هذين الأمرين بالذكر تعظيم أمرهما، لا نفي الحكم عما عداهما، فعلى هذا لا يلزم من ذكرهما حصر عذاب القبر فيهما، لكن الظاهر من الاقتصار على ذكرهما، أنهما أمكن في ذلك من غيرهما، وقد روى أصحاب السنن عن أبي هريرة "استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه".
ليس في الحديث ذكر للغيبة المترجم لها، وإنما ورد بلفظ النميمة، وقيل: مراد المصنف أن الغيبة تلازم النميمة؛ لأن النميمة مشتملة على ضربين: نقل كلام المغتاب إلى الذي اغتابه، والحديث عن المنقول عنه بما لا يريده، قال ابن رشيد: لكن لا يلزم من الوعيد على النميمة ثبوته على الغيبة وحدها؛ لأن مفسدة النميمة أعظم، وإذا لم تساوِها لم يصح الإلحاق، إذ لا يلزم من التعذيب على الأشد التعذيب على الأخف، لكن يجوز أن يكون ورد ذلك على معنى التوقع. والحذر، فيكون قَصَدَ التحذير من المغتاب لئلا يكون له في ذلك نصيب.
وقد وقع في بعض طرق هذا الحديث بلفظ "الغيبة" كما بيناه في الطهارة، فالظاهر أن البخاريّ جرى على عادته في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث، وهذا الحديث قد مرَّ الكلام عليه مستوفى في باب "من الكبائر أن لا يستتر من بوله" من كتاب الوضوء.
[رجاله ستة]
قد مرّوا، مرَّ قتيبة بن سعيد في الحادي والعشرين من الإيمان، ومرَّ الأعمش في الخامس والعشرين منه، ومرَّ مجاهد في أثر أوله، ومرَّ جرير بن حازم في السبعين من استقبال القبلة، ومرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي، وصاحبا القبرين لم يسميا، وقد مرَّ هذا الحديث في العلم، ومرَّ الكلام عليه. ثم قال المصنف: