وينبغي ان يستحضر ما ذكر من الاختلاف في الركعتين بعد الوتر هل هما الركعتان بعد الفجر أو صلاة مفردة بعد الوتر؟
ويؤيده ما وقع عند أحمد وأبي داود عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة بلفظ "كان يوتر بأربع وثلاثٍ وستٍ وثلاثٍ وثمانٍ وثلاث وعشر وثلاثٍ، ولم يكن يوترُ بأكثر منْ ثلاثَ عشرةَ ولا بأنقصَ مِنْ سبع"، وهذا أصح ما قيل في ذلك وبه يجمع بين ما اختلف عن عائشة من ذلك.
قال القرطبي: أشكلت روايات عائشة على كثير من أهل العلم حتى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب، وهذا إنما يتم لو كان الراوي عنها واحدًا أو أخبرت عن وقت واحد، والصواب أن كل شيء ذكرته من ذلك محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط وبيان الجواز، ويظهر أن الحكمة في عدم الزيادة على إحدى عشرة أن التهجد والوتر مختص بصلاة الليل وفرائض النهار الظهر وهي أربع والعصر وهي أربع والمغرب وهي ثلاث وتر النهار، فناسب أن تكون صلاة الليل كصلاة النهار في العدد جملة وتفصيلًا. وأما مناسبة ثلاث عشرة فبضم صلاة الصبح لكونها نهارية إلى ما بعدها.
قلت: ما ذكر من جعل المغرب وتر النهار وهي ليلية بعيد جدًا.
وقوله في الحديث:"قدر ما يقرأ أحدكم خمسينَ آية" قد تقدم من حديثها في أبواب صفة الصلاة أنه عليه الصلاة والسلام "كان يكثرُ أنْ يقولَ: في ركوعِهِ وسجودِهِ سبحانكَ اللَّهُمَّ وبحمدِكَ، اللَّهُمَّ اغفرْ لي".
وفي "مسند أحمد" عنها قالت: "كان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ في صلاةِ الليل في سجودِهِ: سبحانكَ لا إله إلا أنتَ".
وقوله:"ثم يضطجعُ على شقه الأيمن حتى يأتيهِ المنادي للصلاة" قد مرّ استيفاء الكلام على الضجعة بعد ركعتي الفجروعلى تخفيف ركعتي الفجر بما يكفي عند حديث عائشة في باب (منْ انتظر الإِقامة) من كتاب "الأذان".
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: مرّ أبو اليمان وشعيب في السابع من "بدء الوحي"، والزهري في الثالث منه، وعروة وعائشة في الثاني منه، والمؤذن بلال وقد مرّ في التاسع والثلاثين من "العلم". أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي. ثم قال المصنف: