وفي الاستدراك بهذا الحديث على الترجمة نظر؛ لأنه ليس فيه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى إلى سترة، وقد بوّب عليه البيهقيّ باب من صلى إلى غير سترة، وقد مرَّ في كتاب العلم في باب "متى يصح سماع الصغير" في الكلام على هذا الحديث قولُ الشافعيّ إن المراد بقول ابن عباس "إلى غير جدار" أي غير سُترة. وذكرنا تأييد ذلك من رواية البزار. وقال غيره من المتأخرين: قوله "إلى غير جدار" لا ينفي غير الجدار، إلا أن إخبار ابن عباس عن مروره بهم، وعدم إنكارهم لذلك، مشعرٌ بحدوث أمر لم يعهدوه، فلو فرض هناك سُترة أخرى غير الجدار، لم يكن لهذا الإخبار فائدة، إذ مروره حينئذ لا ينكره أحد أصلًا، وكأن البخاريّ حمل الأمر في ذلك على المألوف من عادته صلى الله تعالى عليه وسلم، أنه كان لا يصلي في الفضاء إلا والعنزة أمامه، ثم أيد ذلك بحديثي ابن عمر وأبي جُحيفة. وفي حديث ابن عمر ما يدل على المداومة، وهو قوله بعد ذكر الحربة "وكان يفعل ذلك في السفر" وقد تبعه النووي فقال: في شرح مسلم في الكلام على فوائد هذا الحديث: فيه أن سُترة الإِمام سترة لمن خلفه، وهذا الحديث تقدمت مباحثه مستوفاة غاية في كتاب العلم عند ذكره في الباب المذكور آنفًا.