وجه مطابقته للترجمة في شهود ابن عباس صلاة العيد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد صرّح فيه بأنه كان صغيرًا. قوله:"شهدت العيد مع النبي" أي: حضرت الخروج إلى مصلى العيد مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- "قال: نعم، شهدته".
وقوله:"ولولا مكاني منه" أي: من النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يعني لولا قربي ومنزلتي منه -عليه الصلاة والسلام- ما شهدت. وقال بعضهم الضمير في (منه) يرجع إلى غير مذكور وهو الصغر، ويؤيد هذا العمل الرواية الآتية في العيدين (ولولا مكاني من الصغر شهدته) والأول متجه لكن هذا السياق يخالفه وفيه نظر؛ لأن الغالب أن الصغر في مثل هذا يكون مانعًا لا مقتضيًا، فلعل فيه تقديمًا وتأخيرًا ويكون قول من الصغر متعلقًا بما بعده، فيكون المعنى لولا منزلتي من النبي -صلى الله عليه وسلم- ما حضرت من أجل صغري. ويمكن حمله على ظاهره، وأراد بشهوده ما وقع من شهود وعظه للنساء؛ لأن الصغير يقتضي أن يغتفر له الحضور معهن بخلاف الكبير.
وقال ابن بطال: خروج الصبيان إلى المصلى إنما هو إذا كان الصبي ممن يضبط نفسه من اللعب ويعقل الصلاة ويتحفظ مما يفسدها، ألا ترى إلى ضبط ابن عباس القصة وفيه نظر: لأن مشروعية حضور الصبيان للمصلى إنما هو للتبرك وإظهار شعار الإِسلام بكثرة من يحضر منهم؛ ولذلك شرع للحائض كما مرَّ في كتاب الحيض فهو شامل لمن تقع منهم الصلاة أو لا وعلى هذا، إنما يحتاج أن يكون مع الصبيان من يضبطهم عمّا ذكر من اللعب ونحوه سواء صلّوا أم لا. وأما ضبط ابن عباس القصة فلعله كان لفرط ذكائه. قلت: مذهب مالك أن الصبي يجوز إحضاره للمسجد إذا كان لا يعبث أو يكف إذا نهي عن العبث.
قوله:"أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت" وفي رواية العيدين حتى "أتى العلم" وفي