بناه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلذلك سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه، فأجاب بأن المراد مسجده، وكأنَّ المزيةَ التي اقتضت تعيينه دون مسجد قباء كونُ مسجد قباء لم يكن بناؤه بأمر جُزِم من الله لنبيه، أو كان رأياً رآه، بخلاف مسجده، أو كان حصل له أو لأصحابه فيه من الأحوال القلبية ما لم يحصل في غيره، ويحتمل أن تكون المزية لما اتفق من طول إقامته -صلى الله عليه وسلم- بمسجد المدينة، بخلاف مسجد قُباء، فما أقام فيه إلا أيامًا قلائل، وكفى بهذا مزية، وفيه كفاية عما أبداه القرطبيّ، والحق أن كلًا منهما أُسس على التقوى.
وقوله تعالى في بقية الآية:{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} ويؤيد كون المراد مسجد قباء، وعند أبي داود، بإسناد صحيح عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال:"نزلت {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} في أهل قُباء"، وعلى هذا فالسر في جوابه عليه الصلاة والسلام بأن المسجد الذي أُسس على التقوى مسجده، رفع توهم أن ذلك خاص بقباء، وقال الداوديّ وغيره: ليس هذا اختلافًا؛ لأن كلًا منهما أُسس على التقوى، وكذا قال السُّهيليّ، وزاد غيره: أن قوله تعالى: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} يقتضي أنه مسجد قُباء؛ لأن تأسيسه كان في أول يوم حلّ النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه دار الهجرة.
قوله:"كان لا يصلي الضحى" وفي رواية: "لا يصلي من الضحى" أي: من جهة الضحى، أو في الضحى، وقوله:"يوم يقدم مكة" بجر يوم بدل من يومين، أو بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: أحدهما يوم، وللهرويّ والأصيلي "يوم" بالنصب على الظرفية، ودال "يقدم" مفتوحة. وقال العينيّ: مضمومة، وبمكة بموحدة، ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأصيليّ وابن عساكر "مكة" بحذفها. وقوله:"فإنه كان يقدمها ضحى" أي: فإنه، أي: ابن عمر، وضحى، أي: في ضحوة النهار.
وقوله:"يصلي ركعتين" أي: سنة الطواف. وقوله:"ويوم يأتي" عطف على يوم السابق، فيعرب إعرابه. وقوله:"حتى يصلي فيه" أي ابتغاء الثواب، وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في باب صلاة الضحى في السفر. وقوله:"راكبًا وماشيًا" أي: بحسب ما تيسر، والواو بمعنى أو،