وقع في حديث عوف بن مالك الآتي في الجزية، ذكرُ علامة أخرى مباينة لعلامة الحالة الثانية في حديث عوف بن مالك، رفعه "بين يدي الساعة موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم مَوَتان، ثم استفاضة المال حتى يعطي الرجل منه مئة دينار فيظل ساخطًا ... " الحديث.
الحالة الثانية: الإشارة إلى فيضه من الكثرة، بحيث أن يحصل استغناء كل أحد عن أخذ مال غيره، وكان في آخر عصر الصحابة، وأول عصر مَنْ بعدهم، ومن ثم قيل: يهتم رب المال، وذلك ينطبق على ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز.
الحالة الثالثة: فيه الإشارة إلى فيضه، وحصول الاستغناء لكل أحد، حتى يهتم صاحب المال بكونه لا يجد من يقبل صدقته، ويزداد بأنه يعرضه على غيره، ولوكان ممن لا يستحق الصدقة، فيأبى أخذه، فيقول: لا حاجة لي فيه. وهذا في زمن عيسى عليه السلام، ويحتمل أن يكون هذا الأخير خروجُ النار واشتغال الناس بأمر الحشر، فلا يلتفت حينئذ إلى المال، بل يقصد أن يتخفف ما استطاع.
وقوله:"حتى يَهُمّ ربَّ المال" بفتح أوله وضم الهاء، ورب المال منصوب على المفعولية، وفاعله قوله:"من يقبله". يفال: همه الشيء: أُحْزنه، ويروى بضم أوله، يقال أَهَمه الأمر: أقلقه. وقال النّوويّ في شرح مسلم: ضبطوه بوجهين: أشهرهما بضم أوله وكسر الهاء، ورب المال مفعول، والفاعل "من يقبل" أي: يحزنه. والثاني بفتح أوله وضم الهاء، ورب المال فاعل، ومَنْ مفعوله، أي يقصد.
وقوله:"لا أرب لي" زاد في الفتن "به" أي: لا حاجة لي به، لاستغنائي عنه.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرَّ أبو اليمان وشعيب في السابع من بدء الوحي، وأبو الزناد والأعرج في السابع من الإيمان، وأبو هريرة في الثاني منه.