قوله:"إنه أخبره" صريح في أن عبد الرحمن بن القاسم حمله عنه بلا واسطة، وقد اختلف فيه الرواة عن مالك فأدخل معن بن عيسى وغيره عنه فيه بين عبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن عبد الله القاسم بن محمد والد عبد الرحمن، فكأن عبد الرحمن سمعه من أبيه عنه ثم لقيه أو سمعه منه معه وثبته فيه أبوه.
وقوله:"وثنى اليسرى" لم يبيّن في هذه الرواية ما يفعل بعد ثنيها هل يجلس فوقها أو يتورك؟ وفي "الموطأ" عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد أراهم الجلوس في التشهد فنصب رجله اليمنى، وثنى اليسرى على وركه اليسرى ولم يجلس على قدمه، ثم قال: أراني هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر. وحدّثني أن أباه كان يفعل ذلك فتبيّن من رواية القاسم ما أجمل في رواية ابنه. وإنما اقتصر البخاري على رواية عبد الرحمن لتصريحه فيها بأن ذلك هو السُّنَّة لاقتضاء ذلك الرفع بخلاف رواية القاسم. ورجّح ذلك عنده حديث أبي حميد المفصل بين الجلوس الأول والثاني على أن الصفة المذكورة قد يقال إنها لا تخالف حديث أبي حميد؛ لأن في "الموطأ" أيضًا عن عبد الله بن دينار التصريح بأن جلوس ابن عمر المذكور كان في التشهد الأخير. وروى النسائي عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أن القاسم حدّثه عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال:"من سُنّة الصلاة أن ينصب رجله اليمنى ويجلس على اليُسرى"، فإذا حملت هذه الرواية على التشهد الأول ورواية مالك على التشهد الأخير، انتفى عنهما التعارض ووافق ذلك التفصيل المذكور في حديث أبي حميد الذي بعد هذا.
وقوله:"فقلت إنك تفعل ذلك" أي: التربع. وقوله:"إن رجليّ" بتشديد الياء تثنية رجل، ولأبي الوقت وابن عساكر "رجلاى" بالألف على إجراء المثنى مجرى المقصور كقوله:
فأطرق إطراقَ الشجاعِ ولو رأى ... مساغًا لناباهُ الشجاعُ لصمما