أن أسلافهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها فعبدوها، فحذر عليه الصلاة والسلام عن مثل ذلك، سدًا للذريعة المؤدية إلى ذلك.
وقال البيضاويّ: لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأتبياء تعظيمًا لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثانًا، لعنهم، ومنع المسلمين عن مثل ذلك. فأما من اتخذ مسجدًا بجوار صالح، وقصد التبرك بالقرب منه، لا التعظيم له ولا التوجه نحوه، فلا يدخل في ذلك الوعيد. وفي الحديث دليل على تحريم التصوير، وحمل بعضهم الوعيد على من كان في ذلك الزمان، لقرب العهد بعبادة الأوثان. وأما الآن فلا، وقد أطنب ابن دقيق العيد في رد ذلك، وقد مرَّ الكلام على التصاوير مستوفى باب "إن صلى في ثوب مصلب" إلخ.
وفيه جواز حكاية ما يشاهده المؤمن من العجائب، ووجوب بيان حكم ذلك على العالم به، وذم فاعل المحرمات، وأنّ الاعتبار في الأحكام بالشرع لا بالعقل، وفيه كراهية الصلاة في المقابر، وقد مرَّ قريبًا، قبل هذا الحديث، بيان ما قيل في ذلك من مذاهب العلماء. وفيه منع بناء المساجد على القبور، ومقتضاه التحريم، كيف وقد ثبت اللعن عليه؟ وصرح الشافعيّ وأصحابه بالكراهة، وقد مرَّ تصير البيضاويّ للمراد بالنهي عن بنائها. وقال البندبيجيُّ: المراد أن يسوّى القبر مسجدًا فيصلى فوقه. وقال: إنه يكره أن يبنى عنده مسجد، فيصلى فيه إلى القبر. وأما المقبرة الدائرة، إذا بُني مسجدٌ ليصلى فيه، فلا بأس فيه, لأن المقابر وَقْف، وكذا المساجد فمعناهما واحد.
[رجاله خمسة]
وفيه ذكر أم سلمة وأم حبيبة. الأول محمد بن المثنى، وقد مرَّ في التاسع من كتاب الإيمان، ومرَّ يحيى القطان في السادس منه، ومرَّ هشام بن عروة وأبوه عُروة وعائشة في الثاني من بدء الوحي. ومرت أم سلمة في السادس والخمسين من كتاب العلم.