علينا من الموعظة، أو بالصفة المقدّرة، أي، كراهة السآمة الطارئة علينا، أو بالحال، أي: كراهة السآمة حال كونها طارئة علينا، أو بمحذوف، أي: كراهة السآمة شفقة علينا.
ويستفاد من الحديث استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال، وإن كانت المواظبة مطلوبة. لكنها على قسمين: إما كل يوم مع عدم التكلف، وإما يوما بعد يوم، فيكون يوم الترك لأجل الراحة، ليقبل عل الثاني بنشاط. وإما يومًا في الجمعة، ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، والضابط الحاجة، مع مراعاة وجود النشاط. واحتمل عمل ابن مسعود مع استدلاله أن يكون اقتدى بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى في اليوم الذي عينه، واحتمل أن يكون اقتدى بمجرد التخلل بين العمل والترك، الذي عبر عنه بالتخول، والثاني أظهر.
وأخذ بعض العلماء من حديث الباب كراهة تشبيه غير الرواتب بالرواتب، بالمواظبة عليها في وقت معين دائمًا، وجاء عن مالك ما يشبه ذلك.
[رجاله خمسة]
الأول: محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضَّبّي، مولاهم، أبو عبد الله الفِريابيّ، نزيل قيسارية، وهي مدينة من مدن فلسطين من ساحل الشام، قال أحمد: كان رجلًا صالحًا فاضلًا. وقال الذَّهبيّ: كان ثقة فاضلًا عابدًا، من جملة أصحاب الثوريّ. وثَّقه أبو حاتم والنَّسائي. وقال البخاريّ: كان من أفضل أهل زمانه. وقال العجليّ: الفريابيّ ثقة، وهو ويحيى بن آدم وقبيصة والزبيري ومعاوية ثقاتٌ. وقال محمد بن سَهل: خرجنا مع الفِريابيّ للاستسقاء، فرفع يديه، فما أرسلهما حتى مُطرنا.
وقال البخاريّ: رأيت قومًا دخلوا على الفريابي، فقيل له: يا أبا عبد الله، إن هؤلاء مرجئة، فتابوا ورجعوا. قال العجلي: كانت سنته كوفية. وقال ابن عدي: له إفرادات عن الثوريّ، وله حديث كثير عن الثَّوريّ، وقد يقدم