قوله:"من عذاب القبر" فيه رد على مَنْ أنكره من المعتزلة وغيرهم وقد مرّ استيفاء الكلام عليه في باب الفتيا بإشارة اليد والرأس من كتاب العلم. وقوله:"من فتنة المسيح الدجال" قال أهل اللغة: الفتنة الامتحان والاختبار. قال عياض: واستعمالها في العرف لكشف ما يكره، وتطلق على القتل والإِحراق والنميمة وغير ذلك. والمَسيح بفتح الميم وتخفيف المهملة المسكورة وآخره حاء مهملة يطلق على (الدَّجَّال) وعلى عيسى بن مريم -عليه السلام- لكن إذا أريد الدجال قُيّد به. وقال أبو داود في "السنن": "المسيح" مثقل الدجال ومخفف عيسى، والمشهور الأول وأما ما نقل الفربري في رواية المستملي وحده عنه عما خلف بن عامر الهمداني أحد الحفاظ أن "المسيح" بالتشديد والتخفيف واحد يقال لعيسى -عليه السلام- وللدّجال وأنه لا فرق بينهما بمعنى لا اختصاص لأحدهما بأحد الأمرين، فهو رأي ثالث. وقال الجوهري: مَنْ قاله بالتخفيف فلمسحه الأرض، ومَنْ قاله بالتشديد فلكونه ممسوح العين، وحكى بعضهم أنه قال بالخاء المعجمة في الدّجال ونسب قائله إلى التصحيف في تلقيب الدّجال بذلك فقيل: لأنه ممسوح العين وقيل: لأن أحد شقي وجهه خلق ممسوحًا لا عين فيه ولا حاجب، وقيل: لأنه يمسح الأرض إذا خرج. وقيل: لأن الخير مُسح منه فهو مسيح الضلالة، وسمي الدّجال لأنه خدّاع ملبس من الدجل وهو الخلط، ويقال الطلي والتغطية ومنه البعير المدجل أي: المدهون بالقطران، ودجلة نهر ببغداد سميت بذلك؛ لأنها تغطي الأرض بمائها وهذا المعنى أيضًا في الدّجال؛ لأنه يغطي الأرض بكثرة أتباعه أو يغطي الحق بباطله. وقيل: لأنه مطموس العين من قولهم دجل الأثر إذا عفا ودرس، وقيل من