وأما العزيز فهو ما لا يرويه أقل من اثنين، سمي بهذا الاسم إما لقلة وجوده من عَزَّ يَعِزُّ بكسر العين في المضارع، عَزًّا وعَزازة بفتحها إذا قَلَّ بحيث لا يكاد يوجد، وإما لكونه عز أي قوي بمجيئه من طريق أخرى من عَزَّ يعِزُّ بفتح العين في المضارع إذا اشتد وقوي، ومنه:{فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} أي: قوينا، وجمع العزيز عِزاز ككريم وكرام.
بِيْضُ الوُجُوهِ أَلِبَّةٌ وَمَعاقِلُ ... في كُلِّ نائِبَةٍ عِزَازُ الأَنْفُسِ
وظاهر كلام ابن حَجَر يقتضي أنه لا بد أن يكون في كل طبقاته اثنان عن اثنين، وظاهر كلام العراقي في "ألفيته" كما يأتي، وكما قاله السخاوي الاكتفاء بوجود ذلك في طبقة واحدة، بحيث لا يمتنع أن يكون في غيرها من طبقاته غريبًا، بأن ينفرد به راو آخر عن شيخه، بل ولا أن يكون مشهورًا كاجتماع ثلاثة فأكثر على روايته في بعض طباقه، والأوجه كما صار إليه السخاوي إنما كانت العزة فيه بالنسبة إلى راو انفرد راويان عنه، يقال فيه: عزيز من حديث فلان، وأما عند الاطلاق فينصرف لما أكثر طباقه كذلك، لأن وجود سند على وتيرة واحدة برواية اثنين عن اثنين، ادعى ابن حِبّان أنها لا توجد أصلًا، وقال ابن حَجَر: إن أراد رواية اثنين عن اثنين فقط فَمُسَلَّمٌ؛ وأما صورة العزيز التي جوزوها بأن لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين فموجودة.
[المشهور]
وأما المشهور فهو ما رواه أكثر من اثنين مما لم يبلغ حد التواتر سمي بذلك لشهرته، ووضوح أمره، ويسمى المستفيض لانتشاره وشيوعه في الناس، وبعضهم غاير بينهما بأن المستفيض يكون من ابتدائه إلى انتهائه سواء، والمشهور أعم من ذلك حيث يشمل ما أوله منقول عن الواحد.
وقد يكون الحديث مشهورًا عزيزًا كحديث: "نَحْنُ الآخِرونَ السّابِقُونَ