وفيه: رد على من يقول: إن النسخ لا يكون إلا بالأثقل للأخف، وعكسه ابن العربي زاعمًا أن الإذن في الادخار نسخ بالنهي، وتعقب بأن الادخار كان مباحًا بالبراءة الأصلية، فالنهي عنه ليس نسخًا، وعلى تقدير كونه نسخًا ففيه نسخ الكتاب بالسنة؛ لأن في الكتاب الإذن في أكلها من غير تقييد، لقوله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} ويمكن أن يقال: إنه تخصيص لا نسخ وهو الأظهر.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: مرَّ مسدد ويحيى القطان في السادس من الإيمان، ومرَّ ابن جريج في الثالث من الحيض، وعطاء في التاسع والثلاثين من العلم، ومرَّ جابر في الرابع من بدء الوحي.
أخرجه مسلم في الأضاحي، والنسائي في الحج.
[الحديث الثامن والتسعون والمائة]
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَلاَ نَرَى إِلاَّ الْحَجَّ، حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَحِلُّ. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ ذَبَحَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَزْوَاجِهِ.
قال يحيى: فذكرتُ هذا الحديث للقاسم، قال: أتتك بالحديث على وجهه.
قوله:"إذا طاف بالبيت ثم يحل" كذا الأكثر عن طريق الفربري وكذا وقع في رواية النسفي لكن جعل على قوله: "ثم" ضبة، وفي رواية أبي ذر بلفظ:"أن" بدل "ثم" ولا إشكال فيها، وكذا أخرجه مسلم عن سليمان بن بلال بلفظ:"أن يحل" وزاد قبلها: إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقد شرحه الكرماني على لفظ:"ثم" فقال: جواب إذا محذوف والتقدير يتم عمرته ثم يحل، قال: ويجوز أن يكون جواب "من لم يكن" محذوفًا وإذا: ظرف لقوله: "لم يكن" ويجوز أن يكون ثم زائدة كما قال الأخفش في قوله تعالى: {أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ}: إن تاب جواب {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ}، وكله تكلف وقد تبين من رواية مسلم أن التغيير من بعض الرواة، ولاسيما قد وقع مثله في رواية أبي ذر، وفي بعض الأصول لفظ "إذا: ساقط فيكون التقدير: من لم يكن معه هدي طاف، وحينئذٍ فجواب "من" قوله "طاف".
وقوله "ثم يحل" عطف أي: ثم بعد طوافه يحل، وهذا الحديث قد مرَّ في باب ذبح الرجل البقر عن نسائه، ومرَّ هناك ما قيل في الكلام عليه.