قوله:"صلوا في بيوتكم" هذا مذهب ابن عباس أن من جملة الأعذار لترك الجمعة المطر، وهو قول الجمهور. وعند مالك المطر المبيح للتخلف هو الذي يحمل أوساط الناس على تغطية رؤوسهم لا لما كان أقل من ذلك. وكذلك عند الشافعية والحنابلة مقيد بما يؤذي ببل الثوب، فإن كان خفيفًا أو وجد كنًّا يمشي فيه، فلا عذر. وقال الزين بن المنير: الظاهر أن ابن عباس لا يرخص في ترك الجُمُعة.
وأما قوله:"صلوا في بيوتكم" فإشارة منه إلى العصر فرخص لهم في ترك الجماعة فيها وأما الجمعة، فقد جمعهم لها فالظاهر أنه جمع بهم فيها. قال: ويحتمل أن يكون جمعهم للجمعة ليعلمهم بالرخصة في تركها في مثل ذلك ليعملوا به في المستقبل. والذي يظهر أنه لم يجمعهم وإنما أراد بقوله:"صلوا في بيوتكم" مخاطبة مَنْ لم يحضر وتعليم مَنْ حضر.
وقوله:"الجمعة عزمة" استشكله الإِسماعيلي بأن أكثر الروايات بلفظ إنها "عزمة" أي: كلمة المؤذن حيّ على الصلاة؛ لأنها دعاء إلى الصلاة تقتضي لسامعه الإجابة، ولو كان معنى الجمعة عزمة لكانت العزيمة لا تزول بترك بعض الأذان. والذي يظهر أنه لم يترك بقية الأذان وإنما أبدل قوله:"حيّ على الصلاة" بقوله: "صلّوا في بيوتكم" والمراد بقوله: "إن الجمعة عزمة" أي: فلو تركت المؤذن يقول: "حيّ على الصلاة" لبادر مَنْ سمعه إلى المجيء في المطر فيشق عليهم، فأمرته أن يقول:"صلّوا في بيوتكم" لتعلموا أن المطر من الأعذار التي تفسير العزيمة رخصة.
وقوله:"والدَحْض" أي: بفتح الدال المهملة وسكون الحاء المهملة ويجوز فتحها وآخره ضاد معجمة هو الزلق، وعند مالك الطين المبيح للتخلف هو الذي يحمل أوساط الناس على ترك المدارس. وفي رواية القابسي بالراء بدل الدال وهو الغُسل. قال ابن التين: لا معنى له هنا إلا إن