يعرف مبني للمجهول، ومَنْ موصولة، والضمير لها، ويحتمل أن يكون لمصدر جلس، أي جلوسًا يعرف فيه، ولم يفصح المصنف بحكم هذه المسألة، ولا التي بعدها، حيث ترجم من لم يظهر حزنه عند المصيبة, لأن كلًا منهما قابل للترجيح. أما الأول فلكونه من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، والثاني من تقريره، وما يباشره بالفعل أرجح غالبًا. وأما الثاني فلأنه فعلٌ أبلغ في الصبر، وأزجر للنفس، فيرجح ويحمل فعله -صلى الله عليه وسلم- المذكور على بيان الجواز، ويكون فعله في حقه في تلك الحالة أولى.
وقال الزين بن المنير ما ملخصه: موقع هذه الترجمة من الفقه أن الاعتدال في الأحوال هو المسلك الأقوم، فمن أصيب بمصيبة عظيمة، لا يفرط في الحزن حتى يقع في المحذور من اللطم والشق والنوح وغيرها, ولا يفرط في التجلّد حتى يفضي إلى القسوة والاستخفاف بقدر المصاب، فيقتدي به -صلى الله عليه وسلم- في تلك الحالة، بأن يجلس المصاب جلسة حنيفة، بوقارٍ وسكينة، تظهر عليه مخايل الحزن، ويؤذن بأن المصيبة عظيمة.
قوله: لما جاء النبي الخ، هو بالنصب على المفعولية، والفاعل قوله "قتل ابن حارثة"، وهو زيد، وأبوه بالمهملة والمثلثة، وجعفر هو ابن أبي طالب، وابن رُواحة هو عبد الله، وكان قتلهم في