للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غزوة مؤتة، وقد تقدمت قصتهم مستوفاة في الباب الثالث من كتاب الجنائز، وقوله: جلس، زاد أبو داود "في المسجد" قوله: يعرف فيه الحزن، قال الطيبي: كأنه كَظَم الحزن كظمًا، فظهر منه ما لابد للجبلّة البشرية منه.

وقوله: صائر الباب، بالمهملة والهمزة بعدها، وفسر في نفس الحديث بقوله "شَق الباب"، وهو مفتح الشين المعجمة، أي الموضع الذي ينظر منه، ولم يَرد بكسر المعجمة، أي: الناحية، إذ ليست مرادة هنا. قاله ابن التين، وهذا التفسير الظاهر أنه من قول عائشة، ويحتمل أن يكون ممن بعدها. قال المازريّ: وقع في الصحيحين "صائر" والصواب، أي: بكسر أوله وسكون التحتانية، وهو الشن, قال أبو عبيد في "غريب الحديث"، عند حديث من نظر من صير الباب، ففُقئت عينه فهي هدر: الصِّير الشق، ولم نسمعه إلا في هذا الحديث. وقال ابن الجوزي: صائر وصير بمعنى واحد، وفي كلام الخطابي نحوه.

وقوله: فأتاه رجل، قال في الفتح: لم أقف على اسمه، وكأنه أبهم عمدًا لما وقع في حقه من غضِّ عائشة منه، وقوله: إن نساء جعفر، أي: امرأته أسماء بنت عميس، ومن حضر عندها من أقاربها وأقارب جعفر، ومن في معناها. ولم يذكر أهل العلم بالأخبار لجعفر امرأة غير أسماء، ويأتي قريبًا تعريفها في السند. وقوله: وذكر بكاءَهُنّ، كذا في الصحيحين. قال الطيبيّ: هو حال من المستتر في قوله: فقال، وحذف خبر إنَّ من القول المحكي لدلالة الحال عليه، والمعنى قال الرجل: إن نساء جعفر فعلن كذا وكذا، مما لا ينبغي، من البكاء المشتمل مثلًا على نَوح.

وعند أبي عُوانة: قد كثر بكاؤهن، فإنْ لم يكن تصحيفًا فلا حذف ولا تقدير، ويؤيده ما عند ابن حبّان بلفظ "قد أكثرن بكاءهن". وقوله: فذهب فَنَهاهُنّ فلم يُطِعنه، وقوله: ثم أتاه الثانية لم يطعنه، أي أتي النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- المرة الثانية، فقال: إنهن لم يطعنه. وفي رواية أبي عُوانة. "فذكر أنهن لم يطعنه".

وقوله: فقال انهض، أي: قال له عليه الصلاة والسلام: "انهض فانههن". وقوله: والله غلبننا، وفي رواية الكشميهنيّ "لقد غلبننا" وقوله: فزعمت، أي: عائشة، وهو مقول عَمرة، والزعم قد يطلق على القول المحقق، وهو المراد هنا. وقوله: إنه قال، في الرواية الآتية بعد ثلاثة أبواب "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال". وقوله: فاحثُ، بضم المثلثة وكسرها، يقال: حتى يحثُو ويحثي. وقوله: التراب، في الرواية الآتية "من التراب".

قال القرطبيّ: هذا بدل على أنهن رفعن أصواتهن بالبكاء، فلما لم ينتهين أمره أن يسد أفواههن بذلك، وخص الأفواه بذلك لأنها محل النوح، بخلاف الأعين مثلًا. ويحتمل أن يكون كناية عن المبالغة في الزجر، أو المعنى "أعلمهن أنهن خائبات من الأجر المترتب على الصبر، لما

<<  <  ج: ص:  >  >>