الأول: هو أن ليلة المولد ليلة ظهوره، عليه الصلاة والسلام، وليلة القدر معطاة له، وما شرُف بظهور ذات المشرف من أجله أشرفُ مما شرف بسبب ما أُعطيه، ولا نزاع في ذلك؛ فكانت ليلة المولد بهذا الاعتبار أفضل.
الثاني: أن ليلة القدر شرفت بنزول الملائكة فيها، وليلة المولد شرفت بظهوره، - صلى الله عليه وسلم - فيها؛ ومن شرفت به ليلة المولد أفضل ممن شرفت بهم ليلة القدر على ما هو المرتضى عند أهل السنة، فتكون ليلةُ المولد أفضل، مع أن ليلة القدر شرفت بنزولهم فيها، وليلة المولد شرفت بوجوده وظهوره فيها، وبين النزول والوجود فرق ظاهر.
الثالث: أن ليلة القدر وقع التَّفضُّلُ بها على أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وليلة المولد وقع التفضل بها على سائر الموجودات؛ فقد بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، فعمت به النعمة على جميع الخلائق؛ فكانت ليلة المولد أعم نفعًا، فكانت أفضل، فرحم الله تعالى من قال:
فوَجْهي والزَّمانُ وشَهرُ وضْعِي ... رَبيعٌ في ربيعٍ في ربيعٍ
[إرضاعه صلي الله تعالى عليه وسلم]
ولما ولد، عليه الصلاة والسلام، كان أول من أرضعته ثويبة، أمة أبي لهب، ولما بشرته بولادته، عليه الصلاة والسلام، عتقها. وفي الأحاديث الصحاح أن أبا لهب رؤي في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك؟
فقال: في النار إلا أنه خفف عني كل ليلة اثنين، وأمص من بين أصبعي هاتين ماء، وأشار إلى النُّقرة التي بين الإبهام والسبابة، وذلك بإعتاقي لثويبة، عندما بشرتني بولادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإرضاعها له.
قال ابن الجزري: فإذا كان هذا أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزيَ بفرحه بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم - فما حالُ الموحد من أمته الذي يُسَرُّ