أبي ذَرٍّ "ما أرى أن هؤلاء القوم" وما موصولة، وأن بالفتح، والمعنى كالرواية الأولى. وقيل: ما نافية، وإنْ بالكسر، والمعنى: لأعلم ما لكم في تخلفكم عن الإِسلام مع أنهم يدعونكم عمدًا. وللأصيليّ وابن عساكر:"مَا أدري أن" بالدال بعد الألف، وأنَّ بفتح الهمزة والتشديد، وهي في موضع المفعول، والمعنى: ما أدري ترك هؤلاء إياكم عمدًا لماذا هو؟ وقال أبو البقاء: الجيد أن يكون "إن هؤلاء" بالكسر على الإهمال والاستئناف، ولا يفتح على إعمال "أدري" فيه، لأنها قد عملت بطريق الظاهر، ويكون مفعول "أدري" محذوفًا والمعنى: لا أدري لماذا تمتنعون من الإِسلام، إن المسلمين تركوا الإغارة عليكم عمدًا مع القدرة.
واستشكل ما وقعَ بان الاستيلاء على الكفار بمجرده يوجب رق النساء والصبيان، وإذا كان كذلك، فقد دخلت المرأة في الرق باستيلائهم عليها، فكيف وقع إطلاقها وتزويدها؟ والجواب هو أنها أُطلقت لمصلحة الاستئلاف الذي جر دخول قومها أجمعين في الإِسلام، ويحتمل أنها كان لها أمان قبل ذلك، أو كانت من قوم لهم عهد، واستدل به بعضهم على جواز أخذ أموال الناس عند الضرورة بثمن، إن كان له ثمن، وفيه نظر، لابناه على أن الماء كان مملوكًا للمرأة وأنها كانت معصومة النفس والمال، ويحتاج إلى ثبوت ذلك، وإنما قدمناه احتمالًا قلت: هكذا كله غير محتاج إليه، لما مرَّ من أن الماء لم يؤخذ منه شيء، وأن الذي أعطيته المرأة إنما كان تفضلًا وإكرامًا.
[رجاله خمسة]
الأول: مسدد.
والثاني: يحيى بن سعيد القطان، وقد مرا في السادس من كتاب الإيمان.
الثالث: عوف بن أبي جميلة المعروف بالأعرابيّ، وقد مَرَّ في الأربعين من كتاب الإيمان أيضًا.
الرابع: أبو رجاء عمران بن مِلحان، وقيل ابن تميم بن عبد الله العطاردِيّ البصريّ، أدرك زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يره، وروى عن عمر وعلي وعمران بن حصين