أي: من يوم قدومه إلى أن خرج منها. وقد تقدم بيان ذاك في الكلام على حديث أنس في الباب الذي قبله بباب. والمقصود بهذه الترجمة بيان ما تقدم من أن المحقق فيه نية الإقامة هي مدة المقام بمكة قبل الخروج إلى منىً، ثم إلى عرفة. وهي أربعة أيام ملفقة؛ لأنه قدم في الرابع، وخرج في الثامن فصلّى بها إحدى وعشرين صلاة من أول ظهر الرابع إلى آخر ظهر الثامن، وقيل: أراد مدة إقامته إلى أن توجه إلى المدينة، وهي عشرة، كما في حديث أنس وإن كان لم يصرح في حديث ابن عباس بغايتها، فإنها تعرف من الواقع، فإنَّ بين دخوله وخروجه يوم النفر الثاني من منىً إلى الأبطح عشرة أيام.
قوله:"لصبح رابعة" أي: اليوم الرابع من ذي الحجة. وقوله:"يُلَبون بالحج" جملة حالية أي: محرمين، وذكر التلبية وإرادة الإحرام من باب الكناية.
وقوله "أن يجعلوها" أي: يجعلوا حجتهم عمرة، وليس هذا بإضمار قبل الذكر؛ لأن قوله بالحج يدل على الحجة، كما في قوله تعالى:{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} أي: العدل.
وقوله:"هَدْي" بفتح الهاء وسكون الدال وهو ما يهدى إلى الحرم من النعم، تقربًا إلى الله تعالى. وإنما استثنى صاحب الهَدي؛ لأنه لا يجوز له التَّحلل حتى يبلغ الهَدي محله. أُخذ من الحديث جواز فسخ الحج في العمرة. وبه قال أحمد وداود وأصحابه، وهو مذهب ابن عباس أيضًا.
قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا من الصحابة يجيز ذلك، إلاَّ ابن عباس. وأجاب الجمهور بأن ذلك خاص بالصحابة الذين حجوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويدل عليه ما رواه أبو داود عن بلال بن الحارث قال: قلت: يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أم لمن بعدنا؟ قال:"بل لكم خاصة"، وأخرجه ابن ماجه والطحاوي، وأخرج الطحاوي عن أبي ذر قال: إنما كان فسخ الحج للركب