أي: إباحته، وإنما لم يصرح بذلك لأن الخبر ورد في كلام يتعلق بأمر بمعروف لا بمطلق الكلام، ولعله أشار إلى الحديث المشهور عن ابن عباس موقوفًا ومرفوعًا: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير، أخرجه أصحاب السنن, وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وقد استنبط منه ابن عبد السلام أن الطواف أفضل أعمال الحج لأن الصلاة أفضل من الحج، فيكون ما اشتملت عليه أفضل، قال: وأما حديث: "الحج عرفة" فلا يتعين التقدير معظم الحج عرفة، بل يجوز إدراك الحج بالوقوف بعرفة، وفي هذا نظر ولو سلم، فما لا يتقوم الحج إلا به أفضل مما ينجبر، والوقوف والطواف سواء في ذلك فلا تفضيل.
[الحديث الرابع والمائة]
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ إِلَى إِنْسَانٍ بِسَيْرٍ، أَوْ بِخَيْطٍ، أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَطَعَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ:"قُدْهُ بِيَدِهِ".
قوله:"بإنسان ربط يده إلى إنسان" زاد أحمد عن ابن جريج: إلى إنسان آخر، وفي رواية النسائي عن ابن جريج: قد ربط يده بإنسان.
وقوله:"يسير" بمهملة مفتوحة وياء ساكنة معروف، وهو ما يقد من الجلد وهو الشراك.
وقوله:"أو بشيء غير ذلك" كأنَّ الراوي لم يضبط ما كان مربوطاً به، وقد روى أحمد والفاكهاني عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أدرك رجلين وهما مقترنان، فقال:"ما بال القِران" قالا: إنا نذرنا لنقترنن حتى نأتي الكعبة، فقال:"أطلقا أنفسكما ليس هذا نذرًا، إنما النذر ما يبتغى به وجه الله تعالى" وإسناده إلى عمرو حسن، قال في "الفتح": لم أقف على تسمية هذين الرجلين صريحًا إلى آخر ما يأتي في السند.