للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الرابع والسبعون]

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ. قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا". فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ، وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ.

قوله: "إن عمر بن الخطاب"، اتفق الرواة على أن هذا الحديث من مسند جابر إلا حجاج بن نصر، فإنه جعله من مسند عمر، تفرد بذلك، وهو ضعيف. وقوله: "يوم الخندق"، أي: يوم حَفْره، وهو لفظ أعجميّ تكلمت به العرب. وقوله: "بعدما غربت الشمس"، وفي رواية شيبان عند المصنف: "وذلك بعدما أفطر الصائم"، والمعنى واحد. وقوله: "يسب كفار قريش"، أي: لأنهم كانوا السبب في تأخيرهم الصلاة عن وقتها، إما المختار كما وقع لعمر، وإما مطلقًا كما وقع لغيره.

وقوله: "ما كدت أصلي العصر"، لفظة "كاد" من أفعال المقاربة، فإذا قلت: كاد زيد يقوم، فهم منها أنه قارب القيام ولم يقم، والراجح فيها أن لا تقترن بأن، بخلاف عسى، فإن الراجح فيها أن تقترن بها، ووقع في مسلم في هذا الحديث: "حتى كادت الشمس أن تغرب". وفي البخاري في باب "غزوة تبوك" أيضًا، وهو من تصرف الرواة، وهل تسوغ الرواية بالمعنى في مثل هذا أو لا؟ الظاهر الجواز؛ لأن المقصود الإخبار عن صلاة العصر، كيف وقعت لا الإخبار عن عمر؟ هل تكلم بالراجحة أو المرجوحة؟ وإذا تقرر أن معنى كاد المقاربة، فقول عمر: ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>