للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثالث والأربعون]

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُوَ الإِسْلاَمُ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَالَ عُمَرُ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ فَقَالَ لأَهْلِ الْمَسْجِدِ: "مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ".

قوله: "عن عروة"، عن مسلم في رواية يونس عن ابن شهاب: "أخبرني عروة"، وقوله: "وذلك قبل أن يفشو الإسلام"، أي: في غير المدينة، وإنما فشا الإسلام في غيرها بعد فتح مكة. وقوله: "حتى قال عمر"، زاد المصنف في رواية صالح عن ابن شهاب، في باب "النوم قبل العشاء": "حتى نادى عمر الصلاة" وهي بالنصب بفعل مضمر تقديره صل الصلاة مثلًا، وساغ هذا الحذف لدلالة السياق عليه. وقوله: "نام النساء والصبيان"، أي: الحاضرون في المسجد، وإنما خصهم بذلك لأنهم مِظنة قلة الصبر عن النوم، ومحل الشفقة والرحمة بخلاف الرجال. وسيأتي في حديث ابن عمر قريبًا: "حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا" ونحوه في حديث ابن عباس، وهو محمول على أن الذي رقد بعضهم لا كلهم، ونسب الرقاد إلى الجميع مجازًا.

وقوله: "ما ينتظرها أحد غيركم"، وذلك إما لأنه لا يُصَلّى حينئذ إلا بالمدينة، أي: لا يصلّى بالهيئة المخصوصة، وهي الجماعة، إلا بها. وبه صرح الداووديّ، لأن من كان بمكة من المستضعفين لم يكونوا يصلُّون إلا سرًّا"، وأما غير مكة والمدينة من البلاد فلم يكن الإسلام دخلها. وقوله: "غيركم"، يحتمل الرفع على أنه نعت لأحد، أو بدل منه، والنصب على

<<  <  ج: ص:  >  >>