وللكَشْميهنيّ "لعينك"، بالإفراد، وزيادة:"وإن لزَوْرك" الزور بفتح الزاي وسكون الواو، أي: لضيفك، وهو مصدر وضع موضع الاسم، كصوم في موضع صائم، ونوم في موقع نائم، ويقال للواحد والجمع والذكر والأُنثى زور. قال ابن التين: ويحتمل أن يكون زور جمع زائر، كركب جمع راكب، وتجر جمع تاجر.
وزاد مسلم:"ولولدك عليك حقًا" وسبب الإخبار للنبي -صلى الله عليه وسلم-، بحال عبد الله بن عمرو، هو ما يأتي في فضائل القرآن عنه، أنه قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، وكان يتعاهدها، فسألها عن بعلها فقالت:"نِعْم الرجل من رجل لم يطأ لنا من فراشًا، ولم يفتش لنا كنفًا منذ أتيناه". فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال لي: القَني، فلقيته، فذكر الحديث. زاد النَّسائِيّ وابن خُزيمة وسعيد بن منصور عن مجاهِد:"فوقع على أبي" فقال: زوجتك امرأة فعضلتها، وفعلت وفعلت. قال: فلم التفت إلى ذلك لما كان لي من القوة، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: القني به، فأتيته معه.
ولأحمد من هذا الوجه "ثم انطلق إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فشكاني". وفي رواية في الصوم "فذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- صومي، فدخل عليّ فألقيت له وسادة". وفي رواية فيه أيضًا:"بلغ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أني أسْرُدُ الصوم، وأصلي"، فإما أرسل وإما لقيته، ويجمع بينهما بأن يكون عمرو توجه بابنه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكلَّمه من غير أن يستوعب ما يريد من ذلك، ثم أتاه إلى بيته زيادة في التأكيد.
وقوله:"فصم" أي: فإذا عرفت ذلك فصم تارة، وأفطر تارة، لتجمع بين المصلحتين. وفيه إيماء إلى ما تقدم في باب "مَنْ نام عند السحر" أنه ذكر له صوم داود، وقد مرّ الكلام عليه. وعلى القيام والنوم. وفي الحديث جواز تحدُّث المرء بما عزم عليه من فعل الخير، وتفقد الإِمام لأُمور رعيته كلياتها وجزئياتها، وتعليمهم ما يصلحهم، وفيه تعليل الحكم لمن فيه أهلية ذلك، وأن الأولى في العبادة تقديم الواجبات على المندوبات، وأن من تكلف الزيادة على ما طبع عليه يقع له الخلل في الغالب. وفيه الحض على ملازمة العبادة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم-، مع كراهته له التشديد على نفسه، حضه على الاقتصاد، كأنه قال له: ولا يمنعك اشتغالك بحقوق من ذكر أن تضيع حق العبادة وتترك المندوب جملة. ولكن أجمع بينهما.
[رجاله خمسة]
مرّ منهم علي بن المَدِينيّ في الرابع عشر من العلم، وعمرو بن دينار في الرابع والخمسين منه، وسفيان بن عُيينة في الأول من بدء الوحي، وعبد الله بن عمرو بن العاص في الثالث من الإيمان.
والرابع: أبو العباس بن السايب بن فَرّوخ أبو العباس المكيّ الشاعر. قال أحمد والنَّسائيّ: ثقة، وقال ابن مُعين: ثَبْتٌ، وقال مسلم: كان ثقة عدلًا، وقال ابن سعد: كان بمكة زمن ابن الزبير، وهواه مع بني أمية، وكان قليل الحديث. وذكره ابن حِبّان في الثقات. روى عن ابن عمر، وابن