للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواة "الموطأ" عن مالك، ولم يذكروا التفسير، وكذلك رواه أبو داود الطيالسي.

وقال ابن خزيمة: في هذا الحديث دليل على أن الحديث الذي رواه ابن عباس عن أسامة أنه قال: فما رأيت ناقته رافعة يدها حتى أتى جمعًا أنه محمول على حال الزحام دون غيره، وأشار بذلك إلى ما أخرجه أبو داود وحفص بن عمر، عن ابن عباس، عن أسامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أردفه حين أفاض من عرفة، وقال: "أيها الناس عليكم السكينة، فإن البر ليس بالإيجاف"، قال: فما رأيت ناقته رافعة يدها حتى أتى جمعًا، الحديث، وسيأتي بعد باب عن ابن عباس ليس فيه أسامة، ويأتي الكلام عليه هناك، وأخرجه مسلم عن ابن عباس، عن أسامة في أثناء حديث، قال: فما زال يسير على هينته حتى أتى جمعًا، وهذا يشعر بأن ابن عباس إنما أخذه عن أسامة.

وقال ابن عبد البر: في هذا الحديث كيفية السير في الدفع من عرفة إلى مزدلفة لأجل الاستعجال للصلاة؛ لأن المغرب لا تصلى إلا مع العشاء بالمزدلفة، فيجمع بين المصلحتين من الوقار والسكينة عند الترجمة، ومن الإسراع عند عدم الزحام، وفيه أن السلف كانوا يحرصون على السؤال عن كيفية أحواله عليه الصلاة والسلام في جميع حركاته وسكونه ليقتدوا به في ذلك.

وقوله: "فجوة" أي: بفتح الفاء وسكون الجيم، المكان المتسع، ورواه أبو مصعب ويحيى بن بكير، عن مالك، بلفظ: فُرْجة بضم الفاء وسكون الراء، وهو بمعنى الفجوة، وجمعه فجوات بفتحتين، وفجاء بالكسر والمد، وكذلك ركوة وركوات وركاء.

وقوله: "مناص ليس حين فرار" أي: هرب وهو تفسير قوله تعالى: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، وإنما ذكر هذا الحرف هنا لقوله: نص، ولا تعلق له به إلا لدفع من يتوهم أن أحدهما مشتق من الآخر، وإلا فمادة نص غير مادة ناص، قال أبو عبيدة: في المجاز: المناص مصدر من قوله: ناص ينوص، وقال الطبري: الصواب في صفة السير في الإفاضتين جميعًا ما صحت به الآثار إلا في وادي محسر فإنه يوضع، أي: يسرع لما رواه الترمذي عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوضع في وادي محسر، ولو أوضع أحد في موضع العنق أو العكس لم يلزمه شيء لإجماع الجميع على ذلك، غير أنه يكون مخطئًا.

رجاله ستة قد مرّوا:

مرت الأربعة الأول بهذا النسق في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ أسامة بن زيد في الخامس من الوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>