قال النووي: طواف الوداع واجب يلزم بتركه دم على الصحيح عندنا، وهو قول أكثر العلماء، وقال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في تركه، قال في الفتح، والذي في الأوسط لابن المنذر أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شيء.
قوله:"أُمر الناس" كذا في رواية ابن طاووس: عبد الله عن أبيه بالبناء للمجهول والمراد بالآمر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكذا قوله:"خفف"، وقد رواه سفيان أيضًا وهو ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن طاووس فصرح فيه بالرفع، ولفظه: عن ابن عباس قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت" أخرجه مسلم هو والذي قبله عن سعيد بن منصور، عن سفيان بالإسنادين فرقهما، فكأن طاووسًا حدث به على الوجهين، ولهذا وقع في رواية كل من الراويين عنه ما لم يقع في رواية الآخر، وفيه دليل على وجوب طواف الوداع للأمر المؤكد به، وللتعبير في حق الحائض بالتخفيف، والتخفيف لا يكون إلا من أمر مؤكد، ومن أخر طواف الوداع، وخرج ولم يطف -إن كان قريبًا- رجع فطاف، وإن لم يرجع فلا شيء عليه، وقال عطاء والثوري وأبو حنيفة والشافعي -في أظهر قوليه- وأحمد وإسحاق: إن كان قريبًا رجع فطاف، وإن تباعد مضى، فأهراق دمًا، واختلفوا في حد القرب، فروى أن عمر رضي الله تعالى عنه ردّ رجلًا لم يكن ودّع من مَرِّ الظهران، وبين مرِّ الظهران ومكة ثمانية عشر ميلًا، وعند أبي حنيفة: يرجع ما لم يبلغ المواقيت، وعند الشافعي: يرجع من مسافة لا تقصر فيه الصلاة، وعند الثوري: يرجع ما لم يخرج من الحرم، واختلفوا فيمن ودع ثم بدا له في شراء حوائجه فقال عطاء: يعيد حتى يكون آخر عهده بالبيت، وبنحوه قال الثوري والشافعي وأحمد، وقال مالك: لا بأس أن يشتري بعض حوائجه وطعامه في السوق، ولا شيء عليه، وإن أقام يومًا أو نحوه أعاد، وقال أبو حنيفة: لو ودع