وقوله:"قال للوزغ: فويسق" اللام بمعنى عن والمعنى أنه سماه فويسقًا، وهو تصغير تحقير مبالغة في الذم.
وقوله:"ولم أسمعه أمر بقتله" هو مقول عائشة، والضمير في أسمعه للنبي -صلى الله عليه وسلم- وفي بقتله للوزغ، وذكره نظرًا إلى اللفظ وإن كان جمعًا في المعنى، وقضيته تسميته إياه فويسقًا أن يكون قتله مباحًا، وكونها لم تسمعه لا يدل على منع ذلك، فقد سمعه غيرها، ففي الصحيحين والنسائي وابن ماجه، عن أم شريك أنها استأمرت النبي -صلى الله عليه وسلم- في قتل الوزغات فأمرها بذلك، وفي الصحيحين أيضًا أنه عليه الصلاة والسلام أمر بقتل الوزغ وسماه: فاسقًا، وفي مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من قتل وزغة من أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة، دون الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة، دون الثانية"، وفي لفظ:"من قتل وزغًا في أول ضربة كتب له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك"، وفي لفظ:"في أول ضربة سبعين حسنة" قال الكرماني: الوزغ دابة لها قوائم تعدو في أصول الحشيش قيل: إنها تأخذ ضرع الناقة، وتشرب من لبنها وقيل: كانت تنفخ في نار إبراهيم عليه السلام لتلتهب، وقال ابن الأثير: هي التي يقال لها: سام أبرص، وهذا هو الصحيح وهي التي تكون في الجدران والسقوف، ولها صوت تصيح به، قال ابن الأثير: منه حديث عائشة لما أحرق بيت المقدس كانت الأوزاغ تنفخه، ومن غرائب أمر الوزغ ما قيل: إنه يقيم في حجره من الشتاء أربعة أشهر لا يطعم شيئًا، ومن طبعه أن لا يدخل بيتًا فيه رائحة زعفران، ونقل ابن عبد البر الاتفاق على جواز قتله في الحل والحرم، لكن نقل ابن عبد الحكم وغيره عن مالك: لا يقتل المحرم الوزغ، زاد ابن القاسم: وإن قتله يتصدق؛ لأنه ليس من الخمس المأمور بقتلها، وروى ابن أبي شيبة أن عطاء سئل عن قتل الوزغ في الحرم؟ فقال: إذا أذاك فلا بأس بقتله، وهذا يفهم توقف قتله على أذاه، وفي الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا:"اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة" لكن في إسناده عمر بن قيس المكي؛ وهو ضعيف، وقال أبو عمر: الوزغ مجمع على تحريم أكله.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: مرَّ إسماعيل بن أبي أويس في الخامس عشر من الإيمان، ومرَّ الزهري في الثالث من بدء الوحي، ومرَّ مالك، وعروة وعائشة في الثاني منه.
ثم قال:
قال أبو عبد الله: إنما أردنا بهذا أن منى من الحرم، وأنهم لم يروا بقتل الحية بأسًا.