واستقبلوا وذبحوا، لكنهم لا يصلون بصلاتنا، ولا يستقبلون قبلتنا، ومنهم من يذبح لغير الله، ومنهم لا يأكل ذبيحتنا، ولهذا قال في الرواية الأخرى "وأكل ذبيحتنا"، وأيضًا خصت الثلاثة بالذكر من بين الأركان وواجبات الدين؛ لأنها أظهر وأعظم وأسرع علمًا؛ لأن في اليوم تعرف صلاة الشخص وطعامه غالبًا، بخلاف الصوم والحج كما لا يخفى.
وقوله: فقد حَرُمت، بفتح الحاء وضم الراء وجوّز البرماويّ ضم الأول وتشديد الراء مكسورًا، لكن قال في الفتح: لم أر في شيء من الروايات تشديد الراء. وقوله: إلا بحقها، أي الدماء والأموال، وفي حديث ابن عمر السابق، في كتاب الإيمان "إلا بحق الإِسلام، وحسابهم على الله" هو على سبيل التشبيه، أي كالواجب على الله تعالى في تحقق الوقوع، وإلا فلا يجب على الله تعالى شيء، وقد استنبط ابن المنير من قوله "فإذا قالوها وصلَّوا صلاتنا حرمت دماؤهم" قتل تارك الصلاة؛ لأن مفهوم الشرط إذا قالوها وامتنعوا من الصلاة، لم تحرم دماؤهم، منكرين للصلاة كانوا أو مقرين؛ لأنه رتب استصحاب سقوط العصمة على ترك الصلاة لا على ترك الإقرار بها، يقال الذبيحة لا يقتل تاركها لأنا نقول إذا أخرج الإجماع بعضًا لم يخرج الكل. وقد تقدمت مباحث هذا الحديث مستوفاة في باب "فإن تابوا وأقاموا الصلاة" من كتاب الإيمان.
[رجاله أربعة]
الأول: نعيم بن حماد، وقد مر في الحادي عشر والمئة من كتاب الوضوء، ومرّ عبد الله بن المبارك في السادس من بدء الوحي، ومرّ حميد الطويل في الثالث والأربعين من كتاب الإيمان، ومرّ أنس بن مالك في السادس منه. وهذا الحديث أخرجه البخاريّ من ثلاثة أوجه في هذا الباب، وأخرجه أبو داود في الجهاد، والتِّرمذيّ في الإيمان والنَّسائيّ في المحاربة.
ثم قال: وقال علي بن عبد الله: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا حميد