بينه ويبن ما ثبت عنها صريحًا من إباحته، كقولها فيما رواه البخاري: يحرُمُ عليه فرجُها. وكما رواه مالك في "الموطأ" عنها مما هو دالٌّ على أنها لا ترى تحريمها ولا كونها من الخصائص عن أبي النَّضْر، أن عائشة بنت طلحة أخبرته أنها كانت عند عائشة، فدخل عليها زوجُها وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، فقالت له عائشة: ما يمنعُكَ أن تدنُو من أهلك فتلاعبها وتقبلها؟! قال: أقبِّلها وأنا صائم؟! قالت: نعم. يحمل النهي الذي في حديث الأسود على كراهة التنزيه، لأنها لا تنافي الإِباحة. وقد وردت الكراهة عنها صريحًا فيما رواه يوسف القاضي عن حمّاد، قال: سألتُ عائشةَ رضي الله تعالى عنها عن المباشرة للصائم، فكرهتها. وأما ما رواه أبو داود عنها من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبِّلها ويمصُّ لسانَها فإسناده ضعيف. ولو صحَّ، فهو محمولُ على أنه لم يبتلع ريقه الذي خالطه ريقها.
وقوله:"وكنت أغتسِلُ" معطوف على جملة الحديث الذي قبله، أي: وحدثتني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبِّلها وهو صائم، وبقولها: كنت أغتسل.
وقوله:"أنا والنبيُّ" برفع النبي عطفًا على الضمير المستتر في أغتسل، أو بالنصب مفعول معه، أي: أغتسِلُ معه.
وقوله:"من إناءٍ واحدٍ من الجنابة" من في قوله: "من إناء"، و"من الجنابة" يتعلقان بقوله: "أغتسِل"، ولا يمتنِعُ هذا؛ لأن الابتداء في الأول من عَيْن، وهو الإناء، وفي الثاني من معنى وهو الجنابة، وإنما الممتِنعُ إذا كان الابتداء من شيئين هما من جنسٍ واحد، كزمانين، نحو: رأيته من شهر من سنة، أو مكانين، نحو خرجت من البصرة من الكوفة.
وهذه القطعة من هذا الحديث مرَّ الكلام عليها مستوفى عند ذكر حديث عائشة في باب غُسل الرجل مع امرأته من كتاب الغُسل.
[رجاله ستة]
الأول: سَعْد بن حَفْص الطَّلْحي أبو محمد المعروف بالضَّخْم، وقد مرّ في