وألزم ابن حَزْم أهل القياس أن يقيسوا الصيامَ على الحجِّ في منع المباشرة ومقدمات الجِماع، للاتِّفاق على إبطالهما بالجِماع.
واختَلَفت العلماء فيما إذا باشر أو قبَّل أو نظر فأنزل أو أمذى، فقال الكوفيون والشافعي: يقضي إذا أنزل في غير النظر، ولا قضاء في الإمذاء. قال النووي: لا خلاف أنها، أي: القبلة، لا تُبْطِل الصوم، إلا إن أنزل بها. وقال مالك بوجوب الكفارة عند الإِنزال مطلقًا من قُبلة كان أو ملامسة أو فكر. وقال ابن القاسم: تجب إلا إذا حَصَل عن نظر أو فكر غير مُدامَيْن. وقال أَشْهَب: لا تجب إلا مع المداومة مطلقًا. وقال اللَّخْمي: إذا كان حصولُه مخالفًا للعادة لا تجِبُ، وإذا حصل المذي، فإن كان عن قُبلة ومباشرة قضى، وقيل: لا قضاء فيه، وإن كان عن نظرٍ وفِكْرٍ غير مُدامَيْن بدون قصد، لا قضاء فيه. وفي المدامَيْن قولان، والمشهور عدم القضاء. وإن حصل الإنعاظ الكامل ففيه ثلاثة أقوال، قال أشهب: لا قضاء فيه مطلقًا. وقيل: فيه القضاء مطلقًا. وفصَّل ابن القاسم بين ما إذا كان عن قبلة ومباشرة ففيه القضاء، وإلا فلا قضاء. واحتجَّ القائل بالكفارة بالإِنزال بأنه أقصى ما يُطلب بالجماع من الالتذاذ في كل ذلك. وتعقَّبه الآخرون بأن الأحكام عُلِّقت بالجِماع، ولو لم يكن إنزال، فافترقا.
قلت: هذا التعقُّب غير ظاهر؛ لأن الجِماعَ المعلَّقةُ به الأحكام، غايتُه وثمرتُه الإِنزال، فتتعلَّق به كما تعلقت بسببه.
وروَى عبد الرزاق عن حُذيفة بإسناد ضعيف:"من تأمَّلَ خَلْقَ امرأتهِ وهو صائمٌ، بطُلَ صومُه".
وقال ابن قُدامة: من قبَّل فأنزل أفطر بلا خلاف، وفيه نظر؛ لأن ابن حَزْم قد حكى أنه لا يُفطر ولو أنزل. وقوّى ذلك وذهب إليه.
وما رواه النّسائي عن عائشة أن الأسود سألها: أيُباشِر الصائم؟ قالت: لا. قلت: أليس كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يباشر وهو صائم؟ قالت: إنه كان أمْلَكَكُم لإِربهِ بما يدُلُّ بظاهره على أنها اعتقدت خصوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، يُجمع