ثم قال: وقال حميد بن هلال: ما علمنا على الجنازة إذنًا، ولكنَّ من صلى ثم رجع فله قيراط. قال في "الفتح": لم أره موصولًا عنه، قال الزين بن المنير: مناسبته للترجمة من حيث أن الاتِّباع إنما هو لمحض ابتغاء الفضل، وأنه لا يجري مجرى قضاء حق أولياء الميت، فلا يكون لهم فيه حق، ليتوقف الانصراف قبله على الإِذن منهم. وكأنّ كالبخاريّ قصد الرد على ما أخرجه عبد الرزاق عن عمرو بن شُعيب عن أبي هُريرة قال:"أميران وليسا بأميرين: الرجل يكون مع الجنازة يصلي عليها، فليس له أن يرجع حتى يَسْتأذن وَليّها .. " الحديث، وهذا منقطع موقوف، وأخرجه البَزّار عن جابر مرفوعًا، بإسناد فيه مقال "أميران وليسا بأميرين: المرأة تحج مع القوم فتحيض، والرجل يتبع الجنازة فيصلي عليها, ليس له أن يرجع حتى يستأمر أهل الجنازة".
وروى أحمد عن أبي هريرة مرفوعًا "من تبع جنازة فحمل من علوها، وحتى في قبرها، وقعد حتى يؤذن له رجع بقيراطين" وإسناده ضعيف، والذي عليه معظم أئمة الفتوى هو قول حُميد، وعند مالك يكره أن ينصرف عنها قبل الصلاة، ولو أذِن أهلها، ويكره بعد الصلاة إن لم يأذن له أهلها في الانصراف، أو يطولوا. وقد مرَّ حميد في التاسع من كتاب الجنائز هذا.
قوله: حُدِّث، بضم المهملة على البناء للمجهول، في جميع الطرق، ولم يبين في شيء من الطرق عن نافع تسمية من حَدّثَ ابنَ عمر عن أبي هريرة بذلك، وقد جاءت تسمية من حدث ابن عمر بذلك صريحًا في موضعين: أحدهما في صحيح مسلم، وهو خَبَّاب، بمعجمة وموحدتين. الأول مشددة، وهو أبو السائب المدنيّ صاحب المقصورة، قيل: له صحبة، ولفظه عن داود بن عامر بن سعد عن أبيه أنه كان قاعدًا عند عبد الله بن عمر إذ طلع خَبَّاب صاحب المقصورة، فقال: يا عبد الله بن عمر، ألا تسمع ما يقول أبو هريرة؟ فَذَكر الحديث، والثاني في جامع التِّرمذيّ عن أبي سلمة عن أبي هُريرة فذكر الحديث. قال أبو سلمة فذكرت ذلك لابن عمر، فأرسل إلى عائشة.
وقوله: إن أبا هُريرة يقول: من تبع .. لم يذكر فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- في جميع الطرق، لكن أخرجه أبو عُوانة في صحيحة عن موسى بن إسماعيل وعن أبي النعمان وعن شيبان، ثلاثتهم عن جرير بن