حازم عن نافع، قيل لابن عمر: إن أبا هُريرة يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"من تبع جنازة فله قيراط من الأجر .. " فذكره، ولم يبين لمن السياق. وقد أخرجه مسلم عن شيبان بن فَرُّوخ كذلك. فالظاهر أن السياق له.
وقوله: من تبع جنازة فله قيراط، زاد مسلم في روايته "من الأجر" وقوله: أكثر علينا أبو هريرة، قال ابن التين: لم يتهمه ابن عمر، بل خشي عليه السهو، أو قال ذلك لكونه لم ينقل له عن أبي هريرة رفْعُه، فظن أنه قال برأيه، فأنكره. والثاني جمود على سياق رواية البخاري، وقد مرَّ قريبًا عن مسلم وأبي عُوانة رَفْعُه عن أبي هريرة.
وقال الكرمانيّ قوله أكثر علينا، أي: في ذكر الأجر أو في كثرة الحديث، كأنه خشي لكثرة رواياته أنْ يَشْتَبه عليه بعض الأمر. وعند سعيد بن منصور عن أبي سلمة "فبلغ ذلك ابن عمر، فتعاظمه" وفي رواية الوليد بن عبد الرحمن عند سعيد أيضًا ومسدد وأحمد بإسناد صحيح "فقال ابن عمر: يا أبا هريرة، انظر ما تحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
وقوله: فصدقت، يعني عائشةُ أبا هُريرة، لفظ "يعني" للبخاري كأنه شك فاستعملها، وفي رواية مسلم "فبعث ابن عمر إلى عائشة يسألها، فصدقت أبا هريرة"، وفي رواية أبي سلمة عند التِّرمذيّ: فذُكر ذلك لابن عمر فأرسل إلى عائشة فسألها عن ذلك، فقالت: صدق. وفي رواية خَبّاب صاحب المقصورة عند مسلم "فأرسل ابن عمر خَبّابًا إلي عائشة يسأله عن قول أبي هريرة، ثم يرجع إليه فيخبره بما قالت، حتى رجع إليه الرسول فقال: قالت عائشة: صدق أبو هريرة.
وفي رواية الوليد بن عبد الرحمن عن سعيد بن منصور "فقام أبو هريرة فأخذ بيده فانطلقا حتى أتيا عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين، أنشدك الله، أسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول .. ؟ فذكره، فقالت: اللهم نعم. ويجمع بينهما بأن الرسول لما رجع إلى ابن عمر بخبر عائشة بلغ ذلك أبا هريرة فمشي إلى ابن عمر فأسمعه ذلك عن عائشة مشافهة.
وزاد في رواية الوليد "فقال أبو هريرة: لم يشغلني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غرس الودِيّ ولا صَفْقٌ بالأسواق، وإنما كنت أطلب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكلة يطعمنيها، أو كلمة يعلمنيها، قال له ابن عمر: كنت ألزمنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأعلمنا بحديثه". وقوله: لقد فرطنا في قراريط كثيرة، أي من عدم المواظبة على حضور الدفن، بيّن ذلك مسلم في روايته عن سالم بن عبد الله بن عمر، قال: كان ابن عمر يصلي على الجنازة ثم ينصرف، فلما بلغه حديث أبي هريرة قال: فذكره.
وفي هذه القصة دلالة على تميز أبي هريرة في الحفظ، وأن إنكار العلماء بعضهم على بعض