النار. وروي أيضًا عن عائشة أنها رأت رجلًا واضعًا يده على خاصرته، فقالت: هكذا أهل النار في النار.
وأجيب عما قيل من أن أهل النار المخلدين فيها لا راحة لهم، فكيف يقال هنا راحة أهل النار؟ بأنّ المراد أنهم يختصرون في النار لقصد الراحة، ولا راحة لهم بذلك. وقيل: لأنها صفة الرَّاجز حين ينشد. رواه سعيد بن منصور عن قيس بن عَبّاد بإسناد حسن. وقيل: لأنه فعل المتكبر، حكاه المهلَّب. وقيل: لأنه فعل أهل المصائب، حكاه الخطابيّ. وقول عائشة: إنه من اليهود، وأعلى ما ورد في ذلك، ولا منافاة بين الجمع.
وقد ذكر صاحب "الاكمال" في حديث آخر "المختصرون يوم القيامة على وجوههم النور" ثم قال: "هم الذين يصلون بالليل، ويضعون أيديهم على خواصرهم من التعب". وقيل: يأتون يوم القيامة معهم أعمال يتوكؤون عليها، مأخوذ من المخصرة، وهي العصا. قال زين الدين العراقيّ: هذا الحديث لا أصل له، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة في النهي عن ذلك، وعلى تقدير وروده يكون المراد أنْ يكون بأيديهم مخاصر يختصرون عليها، ويجوز أن تكون أعمالهم تجسد لهم، كما ورد في بعض الأعمال، وفي حديث عبد الله بن أنيس أن أقل الناس يومئذ المتخصرون، أي يوم القيامة. رواه أحمد في مسنده والطبرانيّ في "الكبير" في قصة قتله لخالد بن سفيان أو ابن نبيح الهذلي، أنه عليه الصلاة والسلام أعطاه عصا فقال: أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس، وفيه أنه سأله: لم أعطيتني العصا؟ قال: آية بيني وبينك يوم القيامة، وإن أقل الناس المتخصرون يومئذ. وإنها دفنت معه.
وقد أخرج أبو داود عن أم قيس بنت محصن أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لما أسَنَّ وحمل اللحم، اتخذ عمودًا في مُصَلّاه، يعتمد عليه. وهذا الحديث لم يصح، وعلى تقدير وروده يكون النهي في حق من فعله بغير عذر، بل للاستراحة. وحديث أم قيس محمول على من فعل ذلك لعذر من كبر السن أو المرض ونحو ذلك، قال العَيْنيّ هكذا قال أصحابنا، واستدلوا به على أن الضعيف والشيخ الكبير، إذا كان قادرًا على القيام متكئًا على شيء، يصلي قائمًا متكئًا، ولا يقعد. قلت: وكذا المالكية إذا لم يقدر أحد على القيام مستقلًا استند، وكذلك الجلوس إذا لم يقدر عليه استند.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرَّ عمرو بن علي الفَلّاس في السابع والأربعين من الوضوء، ومرَّ يحيى القطان في السادس من الإيمان، ومرَّ هشام ومحمد بن سيرين وأبي هريرة في الذي قبله. ثم قال المصنف: