للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الثالث من بدء الوحي وسعيد بن المسيب في التاسع عشر من الإيمان، والأعرج في السابع منه، وأبو هريرة في الثاني منه.

[الحديث السابع والثلاثون]

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَأَنَّ بِيَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ، فَكَأَنِّي لاَ أُرِيدُ مَكَانًا مِنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ إِلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ: لَمْ تُرَعْ خَلِّيَا عَنْهُ. فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِحْدَى رُؤْيَايَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ. وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَتْ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيْهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ.

قوله: "كان بيدي قطعةُ اسْتَبْرَق"، وفي رواية نافع بلفظ "سَرَقَةٌ من حرير" وأخرجه النَّسائيّ فجمع بين اللفظتين فقال: سَرَقَة من استبرق. قال أبو عبيدة: السَّرَقة قطعة من حرير، وكأنها فارسية. وقال الفارابىّ: شُقَّةٌ من حرير. وفي النهاية: قطعة من جيّد الحرير. زاد بعضهم: "بيضاء"، وأما تفسير المهلب للسرقة بأنها الكِلَّة، وهي كالهودج عند العرب، وكون عمودها في يد ابن عمر، دليل على الإِسلام، وطنبها الدين والعلم بالشرع الذي به يرزق التمكن من الجنة حيث شاء، فهو تفسير مردود، ويكفي في رده قوله في نفس الخبر: "رأيت كأن بيدي قطعة استبرق". والسَّرَقَة، بفتح الراء، تجمع على سَرَق، مثل قَصَبَة وقَصَب.

وقوله: "فكأني لا أريد مكانًا من الجنة إلا طارت إليه" ويأتي في التعبير "لا أُهوي بها إلى مكان في الجنة إلاَّ طارت بي إليه" وقوله: "لا أُهوي" بضم الهمزة، أُهوي إلى الشيء، بالفتح يُهوي بالضم، أي: مال، وقد يعبر بالحرير عن شرف الدين والعلم؛ لأن الحرير أشرف ملابس الدنيا، وكذلك العلم بالدين أشرف العلوم، وأما دخول الجنة في المنام، فإنه يدل على دخولها في الجنة أيضًا بالدخول في الإِسلام الذي هو سبب لدخول الجنة، وطيران السَّرَقة قوة تدل على التمكن من الجنة حيث شاء. وقد مرّ في أوائل التهجد هذا الحديث، من وجه آخر عن ابن عمر، دون القصة الأولى، ودون ما ذكر في آخره من شأن ليلة القدر. وما ذكر هناك واستيفاء الكلام عليه هناك، ومرّ ما قيل في القصة الأُوْلى قريبًا. وقوله: "وكانوا" أي: الصحابة. وقوله: "إنها" أي: ليلة القدر، وقوله: "أرى رؤياكم قد تواطأت" أرى، بفتحتين، أي أعلم، والمراد أبصر مجازًا. وقوله: "رؤياكم" قال عِيَاض: كذا جاء

<<  <  ج: ص:  >  >>