للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن لفظ "متعمدًا" لسفيان، وإِلا فسفيان لم ينفرد بها، قد أخرجها المصنف هنا عن يزيد بن زريع عن خالد، وأخرجها النَّسائيّ عن محمد بن أبي عَدِيّ عن خالد.

ولحديث ثابت بن الضحاك شاهدٌ من حديث بُريدة مرفوعًا، أخرجه النَّسائيّ، وصححه "من قال: أنا بريء من الإسلام، فإن كان كاذبًا، فهو كما قال، وإن كان صادقًا لم يعد إلى الإِسلام سالمًا" يعني إذا حلف بذلك، وهو يؤيد التفصيل الماضي، ويحتمل أن يكون المراد بهذا الكلام التهديدَ والمبالغة في الوعيد، لا الحكم، وكأنه قال: فهو مستحق مثل عذاب من اعتقد ما قال، ونظيره: من ترك الصلاة فقد كفر، أي: استوجب عقوبة من كفر، وقال ابن المنذر: قوله "فهو كما قال" ليس على إطلاقه في نسبته إلى الكفر، بل المراد أنه كاذب ككذب المعظم لتلك الجهة.

وقوله: ومن قتل نفسه بحديدة عذب به في نار جهنم، وفي رواية الإِيمان والنذور "ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم"، وفي رواية عليّ بن المبارك "ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذّب به يوم القيامة". وقوله: بشيء، أعم مما وقع هنا، وعند مسلم "بحديدة"، ولمسلم عن أبي هريرة "من تحسَّى سُمًا" قال ابن دقيق العيد: هذا من مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية، ويؤخذ منه أن جناية الإِنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإِثم, لأن نفسه ليست ملكًا له مطلقًا، بل هي لله تعالى, فلا يتصرف فيها إلا بما أُذن له فيه.

وفيه حجة لمن أوجب المماثلة في القصاص، خلافًا لمن خصصه بالمحدد، ورده ابن دقيق العيد بأنّ أحكام الله لا تقاس بأفعاله، فليس كل ما ذكر أنه يفعله في الآخرة يشرع لعباده في الدنيا، كالتحريق بالنار مثلًا وسقي الحميم الذي يقطع الأمعاء، وحاصله أنه يستدل للمماثلة في القصاص بغير هذا الحديث، وقد استدلوا بقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} ويأتي بيانُ ذلك في كتاب القصاص والديات إن شاء الله تعالى.

[رجاله خمسة]

مرَّ منهم مسدد في السادس من الإِيمان, وأبو قُلابة في التاسع منه، ويزيد بن زريع في السادس والتسعين من الوضوء ومرَّ خالد الحذّاء في السابع عشر من العلم.

والخامس: ثابت بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عديّ بن كعب بن عبد الأشهل الأنصاريّ الأشْهَليّ، شهد بَيَعة الرضوان، وقال البخاريّ والتِّرمذيّ: إنه شهد بدرًا، وروى بن شاهين كان ثابت بن الضحاك رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق، ودليله إلى حمراء الأسد، وكان ممن بايع تحت الشجرة، وغلط من قال إنه ولد سنة ثلاث من الهجرة، إذ كيف يولد بعد الهجرة بثلاث ويحضر الحديبية وهو ابن ثلاث سنين؟

له أربعة عشر حديثًا، اتفقا على حديث، وانفرد مسلم بحديث، روى عنه أبو قلابة وغيره، سكن الشام وانتقل إلى البصرة، ومات بها سنة خمس وأربعين، والصحيح أنه مات في أيام ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>