قال ابن المنير: أشار البخاري إلى أن الإحصار في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما وقع في العمرة، وقاس العلماء الحج على ذلك، وهو من الإلحاق بنفي الفارق، وهو من أقوى الأقيسة، وهذا مبني على أن المراد بقول ابن عمر: سنة نبيكم، قياس من يحصل له الإحصار وهو حاج، على من يحصل له في الاعتمار؛ لأن الذي وقع للنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الإحصار عن العمرة، ويحتمل أن يكون ابن عمر أراد بقوله: سنة نبيكم وبما بينه بعد ذلك شيئًا سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- في حق من يحصل له ذلك، وهو حاج.
قوله: أليس حسبكم سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنصب سنة خبر ليس واسمها حسبكم، وقال عياض: بالنصب على الاختصاص، أو على إضمار فعل أي: تمسكوا ونحوه، وقال السهيلي: من نصب سنة فالكلام أمر بعد أمر كأنه قال: الزموا سنة نبيكم، كما قال:
يا أيها المائح دلوي دونك
فدلوي منصوب بإضمار فعل أمر ودونك أمر آخر.
وقوله:"إن حبس أحدكم عن الحج" أي: بأن منع عن الوقوف بعرفة، وقوله:"طاف بالبيت وبالصفا والمروة" جواب الشرط أي: إذا أمكنه ذلك، تفسير للسنة، وهل لها حينئذ محل أو لا قولان، وفي حديث: إن حبس أحدًا منكم حابس عن البيت، فإذا وصل إليه طاف به.
وقوله:"فيهدي بذبح شاة" إذ التحلل لا يحصل إلاَّ بنية التحلل والذبح والحلق.
وقوله:"أو يصوم إن لم يجد هديًا" حيث شاء، ويتوقف تحلله على الإطعام كتوقفه على الذبح، لا على الصوم لأنه يطول زمنه، فتعظم المشقة في الصبر على الإحرام إلى فراغه.