للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قدمي زيادة على ألف فرسخ، وأقمت بالبصرة ثمانية أشهر، قد كنت عزمت على أن أقيم سنة، فانقطعت نفقتي فجعلت أبيع ثيابي شيئًا فشيئًا، حتى بقيت بلا شيء، وقال أيضًا: سمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب عليّ حديثًا صحيحًا مسندًا لم أسمع به فله عليّ درهم يتصدق به، وهناك خلق من الخلق؛ أبو زرعة فمن دونه، وإنما كان مرادي أن أستخرج منهم ما ليس عندي، فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب عليّ حديثًا، وقال أحمد بن سلمة النيسابوري: ما رأيت بعد إسحاق، ومحمد بن يحيى أحفظ للحديث، ولا أعلم بمعانيه من أبي حاتم، وقال عثمان بن جُرَّزاذ أحفظ من رأيت أربعة: إبراهيم بن عرعرة، ومحمد بن المنهال الضرير، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقال حجاج بن الشاعر -وذكر له: أبو زرعة وأبو حاتم وابن وارة وأبو جعفر الدارمي-: ما بالمشرق قوم أنبل منهم، وقال مسلمة في "الصلة": كان ثقة وكان شيعيا مفرطًا، وحديثه مستقيم، ولم ينسبه أحد للتشيع غير هذا الرجل، نعم ذكر السليماني ابنه عبد الرحمن من الشيعة الذين كانوا يقدمون عليَّاً على عثمان، كالأعمش وعبد الرزاق، فلعله تلقف ذلك عن أبيه، ومن حفظه ما رواه ابنه عنه أنه قال: قدم محمد بن يحيى النيسابوري الريّ، فألقيت عليه ثلاثة عشر حديثًا من حديث الزهري، فلم يعرف منها إلاَّ ثلاثة، وهذا يدل على حفظ عظيم، فإن الذهلي شهد له مشايخه وأهل عصره بالتبحر في معرفة حديث الزهري، ومع ذلك أغرب عليه أبو حاتم، وقد ترجمه ولده ترجمة مليحة، فيها أشياء تدل على عظم قدره، وجلالته، وسعة حفظه، روى عن محمد بن عبد الله الأنصاري، وعثمان بن الهيثم، وعفان بن مسلم، وغيرهم، وروى عنه أبو داود والنسائي، وابن ماجه في التفسير، وروى البخاري عنه هنا على ما قيل: إنه هو المعني، ولد سنة خمس وتسعين ومائة، ومات بالريّ في شعبان سنة سبع أو تسع وسبعين ومائتين.

الثالث: محمد بن إسحاق بن جعفر أبو بكر الصاغاني خراساني الأصل، أنزل بغداد، وكان أحد الحفاظ الرحالين، قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي وهو ثبت، صدوق، وقال النسائي: ثقة، وقال في موضع آخر: لا بأس به، وقال ابن خراش: ثقة مأمون، وقال الدارقطني: ثقة، وفوق الثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الخطيب: كان أحد الأثبات المتقنين مع صلابة في الدين، واشتهار بالسنة، واتساع في الرواية، وقال أبو مزاحم الخاقاني: كان الصاغاني يشبه يحيى بن معين في وقته، وقال مسلمة في "الصلة": كان ثقة مأمونًا، وقال أبو حاتم الرازي: ثقة، وقال الدارقطني أيضًا: هو وجه مشايخ بغداد وفي "الزهرة": روى عنه مسلم اثنين وثلاثين حديثًا، وروى عن روح بن عبادة، وعفان وقراد أبي نوح وغيرهم، وروى عنه الجماعة سوى البخاري، وقيل: إنه روى عنه هنا، وروى عنه أبو عمر الدوري، وهو أكبر منه وغيرهم، مات يوم الخميس لسبع خلون من صفر سنة سبعين ومائتين.

ثم قال المصنف:

<<  <  ج: ص:  >  >>