للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثالث والثمانون]

حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقُلْتُ: أَلاَ تَخْرُجُ بِنَا إِلَى النَّخْلِ نَتَحَدَّثْ فَخَرَجَ. فَقَالَ: قُلْتُ: حَدِّثْنِي مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. قَالَ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَشْرَ الأُوَلِ مِنْ رَمَضَانَ، وَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَكَ. فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ، فَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِى تَطْلُبُ أَمَامَكَ. فَقَامَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- خَطِيبًا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلْيَرْجِعْ، فَإِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَإِنِّي نُسِّيتُهَا، وَإِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي وِتْرٍ، وَإِنِّى رَأَيْتُ كَأَنِّي أَسْجُدُ فِي طِينٍ وَمَاءٍ. وَكَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ شَيْئًا، فَجَاءَتْ قَزْعَةٌ فَأُمْطِرْنَا، فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ وَالْمَاءِ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَرْنَبَتِهِ تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ.

قوله: "عن يحيى عن أَبي سَلَمة" يأتي في الاعتكاف عن يحيى سمعت أبا سَلَمة، وقوله: "انطلقتُ إلى أبي سعيد فقلت ألا تخرج بنا إلى النخل" وفي رواية علي في الاعتكاف سألت أبا سعيد هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر ليلة القدر فقال: نعم، ولمسلم تذاكرنا ليلة القدر في نفرٍ من قريش فأتيت أبا سعيد فذكره وأفاد بحديث الباب بيان سبب السؤال وفيه تأنيس الطالب للشيخ في طلب الاختلاء به ليتمكن مما يريد من مسألته.

وقوله: "العشرَ الأولَ مِنْ رمضانَ واعتكفنا معَهُ" وقوله: "واعتكفَ العشرَ الأوسطَ فاعتكفنا معَهُ"، المراد بالعشر الليالي ووصفها بلفظ الأوسط المذكر وكان من حقها أن توصف بلفظ التأنيث، لكن وصفت بالمذكر على إرادة الوقت أو الزمان أو التقدير الثلث كأنه قال: الليالي العشر التي هي الثلث الأوسط من الشهر.

وفي "الموطأ" الوُسُط بضم الواو والسين جمع وسطى، ويروى بفتح السين مثل كبر وكبرى، ورواه الباجي في "الموطأ" بإسكانها على أنه جمع واسط كبازل وبزل، وهذا يوافق رواية "الأوسط" وفي رواية محمد بن إبراهيم في باب "صلاة التراويح" كان يجاور العشر التي في وسط الشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>