أو غيرها من الأماكن المعظمة هل يجب عليه الوفاء بذلك أو لا؟ وإذا وجب فتركه قادرًا، أو عاجزًا ماذا يلزمه؟ وفي كل ذلك اختلاف بين أهل العلم وسأذكر طرفًا منه هنا عند الحديث الثاني.
[الحديث السابع والخمسون]
حَدَّثَنَا محمد بْنُ سَلاَمٍ، أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ:"مَا بَالُ هَذَا؟ ". قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ. قَالَ:"إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ". وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ.
قوله:"حدثني ثابت" هكذا قال أكثر الرواة: عن حميد، وهذا الحديث مما صرح حميد فيه بالواسطة بينه وبين أنس، وقد حذفه في وقت آخر فأخرجه النسائي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، والترمذي عن ابن أبي عدي كلاهما عن حميد، عن أنس، وكذا أخرجه أحمد عن ابن أبي عدي، ويزيد بن هارون جميعًا عن حميد بلا واسطة، ويقال: إن غالب رواية حميد عن أنس بواسطة، لكن قد أخرج البخاري من حديث حميد، عن أنس أشياء كثيرة بغير واسطة مع الاعتناء ببيان سماعه لها من أنس، وقد وافق عمران القطان عن حميد الجماعة على إدخال ثابت بينه وبين أنس، لكن خالفهم في المتن، أخرجه الترمذي من طريقه بلفظ: نذرت امرأة أن تمشي إلى بيت الله، فسئل نبي الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؟ فقال:"إن الله لغني عن مشيها، مروها فلتركب".
وقوله:"رأى شيخًا يهادى بين ابنيه"، ويهادى بضم أوله من المهاداة، وهو أن يمشي معتمدًا على غيره، للترمذي عن حميد: يتهادى بفتح أوله ثم مثناة، قال في الفتح: لم أقف على اسم هذا الشيخ، ولا على اسم ابنيه إلى آخر ما يأتي في السند.
وقوله:"ما بال هذا؟ قالوا: نذر أن يمشي"، عند مسلم عن أبي هريرة أن الذي أجاب النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سؤاله ولدا الرجل، ولفظه: فقال: "ما شأن هذا الرجل؟ " قال ابناه: يا رسول الله كان عليه نذر.