قوله:"فضل مكة وبنيانها" ليس في الآيات ولا الحديث ذكر لبنيان مكة، لكن بنيان الكعبة كان سبب بنيان مكة وعمارتها، فاكتفى به، ولكنَّهم اختلفوا في أول من بني الكعبة، فقيل: أول من بناها آدم عليه السلام ذكره ابن إسحاق، وقيل: أول من بناها شيث عليه السلام، وكانت قبل أن يبنيها خيمة من ياقوتة حمراء، يطوف بها آدم عليه السلام ويستأنس بها لأنها نزلت إليه من الجنة، وقيل: أول من بناها الملائكة وذلك لما قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} الآية، خافوا وطافوا بالعرش سبعًا يسترضون الله ويتضرعون إليه فأمرهم الله تعالى أن يبنوا البيت المعمور في السماء السابعة وأن يجعلوا طوافهم له لكونه أهون من طواف العرش، ثم أمرهم أن يبنوا في كل سماء بيتاً وفي كل أرض بيتًا، قال مجاهد: هي أربعة عشر بيتًا، وروي أن الملائكة حين أسست الكعبة انشقت الأرض إلى منتهاها، وقذفت منها حجارة أمثال الإبل، فتلك القواعد من البيت التي وضع عليها إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام البيت، فلما جاء الطوفان رفع البيت وأودع الحجر الأسود أبا قبيس، وروى عبد الرزاق عن عطاء وسعيد بن المسيب أن آدم بناه من خمسة أجبل من حراء، وطور سيناء، وطور زيتا، وجبل لبنان، والجدى، وهذا غريب!
وروى البيهقي في "دلائل النبوة" في بناء الكعبة عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: بعث الله جبريل إلى آدم وحواء عليهما السلام، فأمرهما ببناء الكعبة، فبناه آدم، ثم أمر بالطواف به، ثم قيل له: أنت أول الناس، وهذا أول بيت وضع للناس، وقال ابن كثير: إنه كما ترى من مفردات ابن لهيعة، وهو ضعيف، والأشبه أن يكون هذا مرفوعًا على عبد الله بن عمرو، ويكون من الزملتين اللتين أصابهما يوم اليرموك من كلام أهل الكتاب.