وقوله:"وقوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ} " قوله: بالجر عطف على قوله: "فضل مكة"، أي: وفي بيان تفسير قوله تعالى، وهذه أربع آيات سبق كلها في رواية كريمة، وفي رواية الباقين بعض الآية الأولى، وفي رواية أبي ذر كل الآية الأولى، ثم قالوا إلى قوله:{التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}، وقوله:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ}، أي: واذكر إذْ جعلنا البيت، والبيت اسمٌ غالب للكعبة كالثريا للنجم.
وقوله تعالى:{مثابةَّ}، أي: مرجعًا للحجاج والعمار يتفرَّقون عنه ثم يعودون إليه، وروى عبد بن حميد بإسناد جيد عن مجاهد، قال: يحجون ثم يعودون، وهو مصدر وصف به الموضع.
وقوله:"وأمنا" أي: موضع آمن، وهو كقوله:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا}، والمراد ترك القتال فيه.
وقوله:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} أي: وقلنا: اتخذوا منه موضع صلاة، ويجوز أن يكون معطوفًا على {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ}، أو على مثابة، أي: ثوبوا إلى الله واتخذوا، والأمر فيه للاستحباب بالاتفاق، وقرأ نافع وابن عامر:"واتخذوا" بلفظ الماضي عطف على جعلنا، أو على تقدير إذ، أي:"وإذ جعلنا"، و"إذ اتخذوا"، ومقام إبراهيم الحجر الذي فيه أَثر قدميه على الأصح، وعن عطاء: مقام إبراهيم عرفة وغيرها من المناسك لأنه قام فيها ودعا، وقيل: الحرم كله، وقد مرَّ استيفاء الكلام عليه أوائل الصلاة في باب واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى.
وقوله:{وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} استدل به على جواز صلاة الفرض والنفل داخل البيت، وخالف مالك في الفرض.
وقوله:{اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} ويأتي حديث أن إبراهيم حرم مكة وقد مرَّ الجمع بينه وبين حديث إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس في باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب من كتاب العلم.
وقوله:{مَنْ آمَنَ} بدل من أهله، أي: وارزق المؤمنين من أهله خاصة، ومن كفر عطف عن من آمن، قيل: قاس إبراهيم الرزق على الإمامة فعرف الفرق بينهما وأن الرزق قد يكون استدراجاً وإلزامًا للحجة.
وقوله:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} قد مرَّ بعض الكلام على القواعد في باب