للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبراني وابن عبد البر والليث مرّ في الذي قبله ذكر محله وأبو صالح كاتب الليث مرّ في متابعة بعد الرابع من الوحي. ثم قال: وقال ابن المبارك عن يحيى بن أيوب قال: حدّثني يزيد بن أبي حبيب أن محمد بن عمرو حدّثه كل فقار، وهذا التعليق وصله الفريابي في صفة الصلاة له والجوزقي في جمعه وإبراهيم الحربي في غريبه ورجاله أربعة مرّ محمد بن عمرو في الذي قبله، ومرّ فيه ذكر محل يزيد بن أبي حبيب، ومرّ ابن المبارك في السادس من بدء الوحي. ومرّ يحيى بن أيوب في تعليق بعد الثاني من أحاديث أبواب القبلة هذا المقابري وإن كان المراد الغافقي وهو الظاهر؛ لأنه هو الذي روى عنه ابن المبارك، فقد مرّ في تعليق بعد العاشر من أبواب استقبال القبلة أيضًا. ثم قال المصنف:

باب مَنْ لم يرَ التشهد الأول واجبًا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام من الركعتين ولم يرجع

قوله: "التشهد" المراد تشهد الصلاة وهو التحيات، وهو تفعّل من الشهادة سمي بذلك لاشتماله على النطق بشهادة الحق تغليبًا لها على بقية أذكارها لشرفها من حيث إنه يصير الشخص بها مؤمنًا، ويرتفع عنه السيف وينتظم في سلك الموحدين الذي به النجاة في الدنيا والآخرة. قال الزين بن المنير: ذكر في هذه الترجمة الحكم ودليله ولم يثبت الحكم مع ذلك كان يقول: باب لا يجب التشهد الأول وسببه ما يطرق الدليل المذكور من الاحتمال، وقد أشار إلى معارضته في الترجمة التي تلي هذه حيث أوردها بنظير ما أورد به الترجمة التي بعدها، وفي لفظ حديث الباب فيها ما يشعر بالوجوب حيث قال: وعليه جلوس ووجه الدلالة من حديث الباب أنه لو كان واجبًا لرجع إليه لما سبحوا به بعد أن قام كما يأتي في أبواب سجود السهو. ويعرف منه أن قول ناصر الدين بن المنير في الحاشية: لو كان واجبًا لسبحوا به، ولم يسارعوا إلى الموافقة على الترك غفلة منه عن الرواية الآتية المنصوص فيها على أنهم سبحوا به. قال ابن بطال: والدليل على أن سجود السهو لا ينوب عن الواجب أنه لو نسي تكبيرة الإحرام لم تجبر، فكذلك التشهد؛ ولأنه ذكر لا يجهر به بحال، فلم يجب كدعاء الافتتاح. واحتج غيره بتقريره -صلى الله عليه وسلم- الناس على متابعته بعد أن علم أنهم تعمدوا تركه، وفيه نظر. وممن قال بوجوبه: الليث وإسحاق وأحمد في المشهور عنه وهو قول للشافعي وعند مالك كل تشهد سُنّة، وعند أبي حنيفة قال في "شرح الهداية": ان المختار والصحيح عنده وجوبه، وقيل سُنّة وهو الأقيس، ولكنه خلاف ظاهر الرواية وحجة القائلين بالوجوب أنه عليه الصلاة والسلام فعله وداوم عليه وأمر به في حديث ابن عباس بقوله: "قولوا: التحياتُ للهِ". وقال: "صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي".

واحتج الطبري لوجوبه بأن الصلاة فرضت أولًا ركعتين، وكان التشهد فيها واجبًا فلما زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك الواجب، وأجيب بأن الزيادة لم تتعين في الأخيرتين، بل يحتمل أن يكونا هما الفرض الأول والمزيد هما الركعتان الأوليان بتشهدهما ويؤيده استمرار التشهد الأخير كما كان واحتج أيضًا بأن مَنْ تعمد ترك الجلوس الأول بطلت صلاته. وهذا غير وارد؛ لأن من لا يوجبه لا يبطل الصلاة بتركه.

<<  <  ج: ص:  >  >>