عقّب المؤلف الحديث الأول بهذه الرواية الأخرى، المصرِّحة بأن ذلك وقع من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ليكون بيان الجواز أوقع في النفس، لكونه أصرح في الرفع من الذي قبله، وخفي ذلك على الكرمانيّ فقال: دلالة الحديث الأخير على الترجمة وهي عقد الإزار على القفا، اما لأنه مخروم من الحديث السابق، فهو طرف من الذي قبله، وإما لأنه يدل عليه بحسب الغالب، إذ لولا عقده على القفا لما ستر العورة غالباً، ولو تأمل لفظه وسياقه بعد ثمانية أبواب، لعرف اندفاع احتماليه، فإنه طرف من الحديث المذكور هناك، لا من السابق، ولا ضرورة إلى ما ادعاه من الغلبة، فإن لفظه "وهو يصلي في ثوب ملتحفًا" وهي قصة أخرى فيما يظهر، كان الثوب فيها واسعًا فالتحف به، وكان في الأولى ضيقًا فعقده، وسيأتي قريبًا في الباب الثالث التصريح بهذا التفصيل.
[رجاله أربعة]
الأول: مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار اليَسَاريّ الهلاليّ، أبو مصعب المدنيّ، مولى ميمونة، وأمه أخت مالك، ذكره ابن حبّان في الثقات، وقال ابن سعد: كان ثقة، وبه صمم. وقال الدارقطني: ثقة، وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: مضطرب الحديث، صدوق، قلت لأبي: من أحب إليك: مطرف أو إسماعيل بن أبي أُويس؟ فقال: مطرف. ذكره ابن عَدِيّ في الكامل، وقال: يأتي بمناكير، ثم ساق أحاديث بواطيل من رواية أحمد بن