واختلف في مدة الحمل به، فقيل: تسعة أشهر، وقيل: عشرة، وقيل: ثمانية، وقيل: سبعة، وقيل: ستة. وولد عليه الصلاة والسلام، في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، ويقال: بالشعب.
[عام ولادته صلى الله عليه وسلم]
واختلف في عام ولادته - صلى الله عليه وسلم - فالأكثرون على أنه عام الفيل، ومن العلماء من حكى الاتفاق عليه، وقال: كل قول يخالفه وَهْمٌ. والمشهور أنه وُلِدَ بعد الفيل بخمسين يومًا، وإليه ذهب السهيلي في جماعة، وقيل: بعدها بخمسة وخمسين يومًا، وإليه ذهب الدمياطي في آخرين، وقيل: بشهر، وقيل: بأربعين يومًا، وقيل: بعد الفيل بعشر سنين، وقيل: قبل الفيل بخمس عشرة سنة، وقيل: غير ذلك. والمشهور أنه بعد الفيل؛ لأن قصة الفيل كانت توطئة لنبوته، وتقدمة لظهوره وبعثته، وإلا أصحاب الفيل كانوا نصارى أهل كتاب، وكان دينهم خيرًا من دين أهل مكة إذ ذاك؛ لأنهم كانوا عُبادَ أوثان، فنصرهم الله تعالى على أهل الكتاب نصرًا لا صنع للبشر فيه، إرهاصًا وتقدمة للنبي الذي خرج من مكة، عليه الصلاة والسلام.
قلت: ولأجل كون قضية أصحاب الفيل إرهاصًا له - صلى الله عليه وسلم - سلط الله الحَجاج على الكعبة فخربها، ولم يَحْدُثْ فيه شىء، وذلك لأنّ الإرهاص إنما يحتاج إليه قبلَ ظهوره، عليه الصلاة والسلام؛ وأما بعد أن ظهر، وتأكدت نبوته بالدلائل القطعية، فلا حاجة إلى شىء من ذلك، كما أنه تعالى في آخر الزمان يُسلِّط عليها ذا السويقتين، رجل من الحبشة، ينقضها ويرميها في اليم حجرًا حجرًا، كما في الحديث الصحيح.