قوله:"لما حلق رأسه" أي: أمر الحلاق فحلقه، فأضاف الفعل إليه مجازا، وكان ذلك في حَجّة الوداع، واختُلف في اسم الحالق، والصحيح أن مَعْمر بن عبد الله كما ذكره البخاري، وقيل: هو خُراش بن أمية، والصحيح أن خِراشًا كان حالقًا بالحُديبية، وقد جاء تعريف خِراش في التاسع عشر من كتاب الشُّروط، ومَعْمر بن عبد الله هذا لم أعرف من هو من الصحابة، فلهذا لم أعرفه.
وقد أخرج أبو عَوانة في "صحيحه" هذا الحديث عن سعيد بن سليمان المذكور، وهو أبين مما سيق هنا, ولفظه:"إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر الحلاق، فحلق رأسه، ودفع إلى أبي طلحة الشِّق الأيمن، ثم حلق الشق الآخر، فأمره أن يقسمه بين الناس".
ورواه مسلم عن ابن عُيينة بلفظ:"لما رمى الجمرة، ونحر نُسكه، ناول الحالق شِقّه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة، فأعطاه إياه، ثم ناوله الشِّق الأيسر، فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال: "اقسمه بين الناس"، وله أيضًا عن حَفْص بن غِياث "إنه قسَّم الأيمن فيمن يليه"، وفي لفظ: "فوزّع بين الناس الشعرة والشعرتين، وأعطى الأيسر أمَّ سُليم" وفي رواية: "أبا طلحة", ولا تناقض بين هذه الروايات، بل طريق الجمع بينهما أنه ناول أبا طلحة كلاًّ من الشِّقين، فأما الأيمن فوزعه أبو طلحة بأمره، وأما الأيسر فأعطاه لأمِّ سليم زوجته بأمره -صلى الله عليه وسلم- أيضًا. زاد أحمد "لتجعله في طيبها".