قال الزين بن المنير: يحتمل أن تكون (من) موصولة بمعنى الذي والمراد به النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في أخبار الباب، ويحتمل أن تكون شرطية والجواب محذوف والتقدير (فقد أصاب السنة) وعلى التقديرين فينبغي للخطباء أن يستعملوها تأسياً واتباعًا. ولم يجد البخاري في صفة خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة حديثًا على شرطه، فاقتصر على ذكر الئناء واللفظ الذي وضع للفصل بينه وبين ما بعده من موعظة ونحوها قال سيبويه:"أما بعد" معناها (مهما يكُ من شيء بعد). وقال الزجاج: إذا كان الرجل في حديث فأراد أن يأتي بغيره قال: "أما بعد". وقيل التقدير:(أما الثناء على الله فهو كذا وأما بعد فكذا) ولا يلزم في قسمه أن يصرح بلفظ بل يكفي ما يقوم مقامه.
وقد مرّ الكلام على أول مَنْ نطق بها وعلى معناها في الحديث الأخير من كتاب الإيمان. ثم قال: رواه عكرمة عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهذا التعليق وصله البخاري في آخر هذا الباب، وعكرمة مرّ في السابع عشر من العلم، ومرّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي.