للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثالث والأربعون]

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَرَأَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا أُمِرَ، وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.

وجه المناسبة منه ما مرّ في حديث أُم سلمة من إطلاق قرأ على جهر لكن يبقى خصوص تناول ذلك لصلاة الصبح فيستفاد ذلك من الذي قبله فكأنه يقول هذا الإجمال مفسر بالبيان الذي قبله لأن المحدث بهما واحد ويمكن أن يكون مراد البخاري بهذا ختم تراجم القراءة في الصلوات إشارة منه إلى أن المعتمد في ذلك هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا ينبغي لأحد أن يغير شيئًا مما صنعه. وقال الإسماعيليّ: إيراد حديث ابن عباس هنا يغاير ما مرّ من إثبات القراءة في الصلوات؛ لأن مذهب ابن عباس كان ترك القراءة في السرية وأجيب بأن الحديث الذي أورده البخاري ليس فيه دلالة على الترك، وأما ابن عباس فكان يشك في ذلك تارة وينفي القراءة أخرى وربما أثبتها. وقد مرّ ما روي عنه في ذلك مستوفى في باب القراءة في الظهر، ومرّ هناك ما يدل على رجوعه.

وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} بفتح النون وتشديد الياء أي: تاركًا؛ لأن النسيان في اللغة الترك، قال تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} و {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} قال الخطابي: مراده أنه لو شاء الله أن ينزل بيان أحوال الصلاة حتى تكون قرآنًا يتلى لفعل، ولم يتركه عن نسيان ولكنه وكل الأمر في ذلك إلى بيان نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ثم شرع الاقتداء به ولا خلاف في وجوب أفعاله التي هي بيان لمجمل الكتاب كما أنه لا خلاف أيضًا في أن أفعاله التي هي من نوم وطعام وشبهها غير واجبة وإنما اختلفوا في أفعاله التي تتصل بأمر الشريعة مما ليس بيانًا لمجمل الكتاب والمختار أنها واجبة.

وقوله "أُسوة" بضم الهمزة وكسرها أي قدوة.

[رجاله خمسة]

قد مرّوا، مرّ مسدد في السادس من الإيمان، ومرّ إسماعيل في الثامن منه، ومرّ أيوب في التاسع منه، ومرَّ عكرمة مولى ابن عباس في السابع عشر من العلم، ومرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>