قوله:"عن الأشعث"، يعني بإسناده المذكور، وظن بعضهم أنه موقوف على أشعث فأخطأ، فقد أخرجه مسلم وأبو داود عن أبي الأحوص بهذا الإسناد بلفظ:"سألت عائشة عن صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت لها: أي حين كان يصلي؟ قالت: إذا سمع الصارخ قام فصلى" لفظ أبي داود، وزاد مسلم في أوله:"كان يحب الدائم" وللإسماعيلىّ عن أبي الأحوص بالإسناد: سألت عائشة أي العمل كان أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: أدومه.
قال الإسماعيلي: لم يذكر البخاري في رواية أبي الأحوص بعد الأشعث أحدًا، وأفادت هذه الرواية ما كان يصنع إذا قام، وهو قوله:"قام فصلّى" بخلاف رواية شعبة، فإنها مجملة. وهذه رواية أخرى للحديث الأول.
[رجالها ثلاثة]
مرّ محمد بن سلام البِيْكَنْدِيّ في الثالث عشر من الإيمان على أنه هو المراد بمحمد، ومرّ أبو الأحوص في العشرين من صفة الصلاة، والأشعث مرّ في الذي قبله، وقيل إنّ المراد بمحمد محمد بن سالم، وهو خطأ، فليس في أشياخ البخاري مَنْ اسمه محمد بن سالم، وقيل محمد بن يحيى المَرْوَزيّ، وهذا أيضًا خطأ؛ لأن البخاري لم يرو عنه.
[الحديث الرابع عشر]
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ذَكَرَ أَبِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلاَّ نَائِمًا. تَعْنِي النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-.
قوله:"ما ألفاه السحر" بالفاء: أي: وجده، والسحر مرفوع بأنه فاعل، والمراد بنومه بعد القيام الذي مبدؤه عند سماع الصارخ، جمع أبي نه وبين رواية مسروق التي قبلها. وقوله:"إلاَّ نائمًا" قال ابن التين: تعني مضطجعًا على جنبه؛ لأنها قالت في حديث آخر:"فإن كنت يقظانة حدثني، وإلاّ اضطجع" وتعقبه ابن رشيد بأنه لا ضرورة لحمل هذا التأويل؛ لأن السياق ظاهر في النوم حقيقة، وظاهر في المداومة على ذلك، ولا يلزم من إنه ربما لم ينم وقت السحر هذا التأويل، فدار الأمر بين حمل النوم على مجاز التشبيه، أو حمل التعميم على إرادة التخصيص، والثاني أرجح، وإليه ميل البخاري؛ لأنه ترجم بقوله:"من نام عند السحر"، ثم ترجم عقبه بقوله: "مَنْ تسحر فلم ينم، فأومأ إلى تخصيص رمضان من غيره، فكأن العادة جرت في جميع السنة بأنه كان ينام عند السحر إلا في