للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر]

ولأبي ذر زيادة "واحد" أي: عند الضرورة، أن كثر الموتى وعَسُر إفراد كل ميت بقبر واحد.

[الحديث الحادي والمائة]

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ.

قوله: يجمع بين الرجلين من قتلى أُحُد، أي: في ثوب واحد، وهو مستلزم للجمع في قبر واحد، فهو دال على الترجمة، لكن ليس فيه لفظ ثلاثة، وقد قال ابن رشيد: جرى المصنف على عادته إما بالإِشارة إلى ما ليس على شرطه، وإما بالاكتفاء بالقياس. وفي رواية عبد الرزاق "وكان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر الواحد".

وورد ذكر الثلاثة في هذه القصة عن أنس أيضًا عند التِّرمذيّ، وروى أصحابه السنن عن هشام بن عامر الأنصاريّ قال: جاءت الأنصار إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أُحُد فقالوا: أصابنا قَرْح وجهد، قال: "احفروا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر" صححه التِّرمذيّ، والظاهر أن المصنف أشار إلى هذا الحديث، وأما القياس ففيه نظر, لأنه لو أراده لم يقتصر على الثلاثة، بل كان يقول مثلًا "دفن الرجلين فأكثر".

وهذا الحديث الذي قلنا إن المصنف أشار إليه، فيه التصريح بأن ذلك إنما فعل للضرورة، وحينئذ فالمستحب في حال الاختيار أن يدفن كل ميت في قبر واحد، وهذا متفق عليه عند الأئمة، فيكره جمعها اختيارًا. قالت المالكية: جمع الأموات بقبر للضرورة جائز، وإن كانوا أجانب، وعند غير الضرورة مكروهٌ، وإن كانوا محارم، ولابد عند ابن القاسم من جعل شيء من التراب بينهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>