الدين، وحرصهن على امتثال أمر الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، ورضي عنهن.
رجاله خمسة: الأول سليمان بن حَرْب، وقد مر في الرابع عشر من كتاب الإِيمان، ومر شعبة بن الحجّاج في الثالث منه أيضًا، ومر أيوب السَّختياني في التاسع منه أيضًا، ومر عبد الله بن عباس في الرابع من بدء الوحي.
الرابع من السند: عطاء بن أبي رباح، واسم أبي رباح أسْلم القُرَشيّ، مولاهم، أبو محمد المكيّ، قال ابن المَدِيْنِيّ: هو مولى حبيبة بنت ميْسَرة ابن أبي خُثَيْم. وقال ابن سعد: كان من مولَّدي الجُند، ونشأ بمكة، وهو مولى لبني فهر أو لجُمَح، وانتهت إليه وإلى مجاهد فتوى مكة في زمانهما، وأكثر ذلك إلى عطاء. سمعت بعض أهل العلم يقول: كان عطاء أسود أعور أفطس أشَلّ أعرج، ثم عمي بعد، وكان ثقة فقيهًا عالمًا كثير الحديث، وقطعت يده مع ابن الزُّبير، واسم أمه بَركَة.
وقال ابن عباس: يا أهل مكة تجتمعون عليّ وعندكم عطاء؟ وكذا روي عن ابن عمر. وقال سليمان بن رَفِيع: دخلت المسجد الحرام، والناس مجتمعون على رجل، فاطلعت فإذا عطاء بن أبي ربَاح جالس، كأنه غُراب أسود، ولكن العلم والعمل رفعاه، قال الناظم:
أسودُ أعورُ أشَلَّ أفْطَسُ ... أعْرَج من أنوارِه يُقْتَبَسُ
قيل: إنه حج أكثر من سبعين حجة، وقال إبراهيم بن عمر بن كيْسان: اذكر في بني أمية صائحًا يصيح: لا يفتي الناس إلا عطاء. وقال ربيعة: فاق عطاء أهل مكة في الفتوى، وإياه عني الشاعر بقوله:
سل المفتي المكيَّ هل في تزاورٍ ... وضمةِ مشتاقِ الفؤادِ جناحُ
فقال: معاذَ الله أن يُذْهب التقى ... تلاصُق أكبادِ بهن جِراحُ