وقوله:"فسألته" فيه التفات لأنه قال أولًا: أنه أتى ابن عمر، فكأن السياق يقتضي أن يقول: فسأله، لكن عند الإسماعيلي، قال: فدخلت عليه فسألته.
وقوله:"فرضها"، أي: قدرها وعيّنها، ويحتمل أن يكون المراد أوجبها، وبه يتم مراد المصنف، ويؤيده قرينة قول السائل: من أين يجوز لي، وقد تقدمت مباحث هذا الحديث مستوفاة في باب ذكر العلم والفتيا في المسجد آخر كتاب العلم، وفي الحديث رد على عطاء والنخعي والحسن في زعمهم أن لا شيء على من ترك الميقات ولم يحرم وهو يريد الحج والعمرة، وهو شاذ، ونقل ابن بطال عن مالك وأبي حنيفة والشافعي أنه يرجع من مكة إلى الميقات، واختلفوا إذا رجع هل عليه دم أو لا، فقال مالك والثوري في رواية: لا يسقط عنه الدم برجوعه إليه محرمًا، وهو قول ابن المبارك، وقال أبو حنيفة: إن رجع إليه فلبَّى فلا دم عليه برجوعه إليه محرمًا، وإن لم يلبّ فعليه دم، وقال الثوري في رواية وأبو يوسف ومحمد والشافعي: لا دم عليه إذا رجع إلى الميقات بعد إحرامه قبل أن يطوف على كل وجه، فإن طاف فالدم باق وإن رجع، قال الكرماني: فإن قلت: الإِحرام بالعمرة لا يلزم أن يكون من المذكورات، بل يصح من الجعرانة ونحوها، قلت: هي للمكي، وأما الآفاقي فلا يصح له الإِحرام بها إلا من المواضع المذكورة. أ. هـ.
[رجاله أربعة]
قد مرُّوا إلا زيد بن جبير، مرّ مالك بن إسماعيل في الخامس والثلاثين من الوضوء ومرّ زهير بن معاوية في الثالث والثلاثين من الإِيمان، ومرّ عبد الله بن عمر في أوله قبل ذكر حديث منه، والباقي زيد بن جبير بن حرمل الطائي الكوفي، قال أحمد: صالح الحديث، وقال ابن معين: ثقة يروي ستة أحاديث أو سبعة، وقال الدوري: قلت لابن معين: أليس في حديثه شيء؟ قال: لا والله، قلت: هو أخو حكيم بن جبير؟ قال: لا والله، ما بينهما قرابة، وقال العجلي: ثقة ليس بتابعي في عداد الشيوخ، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال أبو حاتم: صدوق، وفي نسخه ثقة، صدوق. روى عن ابن عمر وخشف بن مالك وأبي يزيد الضبي، وروى عنه شعبة والثوري وزهير بن معاوية وغيرهم.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإِفراد والسؤال والقول، ورواته الثلاثة كوفيون، وزيد بن جبير ليس له في البخاري إلا هذا الحديث، وهذا الحديث من هذا الوجه من أفراد البخاري.